في كتابها الجديد، الصادر في مايو/أيار الماضي بعنوان "الإصلاح الفوري للمزاج" (The Instant Mood Fix)؛ ذكرت الباحثة في جامعة كمبريدج الدكتورة أوليفيا ريمس أن "التوتر أصبح منتشرا بمعدلات أعلى بكثير مما نتوقع؛ فمن بين كل 14 شخصا في أنحاء العالم، هناك شخص يعاني من اضطراب التوتر".
والتوتر، كما تُعرّفه مستشارة الإجهاد إيلين ساندرز، "هو ما تسببه الضغوط اليومية من مشاعر سلبية خارجة عن السيطرة". وقد يكون مفيدا ومحفزا لتحسين الأداء طالما كان طفيفا ومحتملا. لكن "عندما يبلغ حدا يفوق قدرتك على التأقلم؛ يبدأ في الإضرار بصحتك أو علاقاتك أو جودة حياتك"، وفقا لموقع "مايو كلينك" (Mayoclinic).
لا مفر من التوتر إذن، فهو جزء طبيعي من تكويننا الإنساني؛ لكن تبقى هناك طرق عملية يمكن تجربتها لمواجهته، بالتزامن مع اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
للتغلب على التوتر في غضون دقائق
تقترح ريمس، الخبيرة في علاج الإجهاد، ومجموعة من الخبراء هذه الخطوات:
كُن واقعيا
من السهل أن نشعر بالضغط، لكن ريمس تحثنا على "أن نكون واقعيين بشأن ما يمكننا فعله، وأن نركز فقط على ما يمكننا التحكم في فعله، ونترك ما سواه؛ فقد اتضح أن ذلك يجعلنا أقل توترا".
من الجيد إدراك أنه لا يمكنك أن تكون ناجحا في كل شيء بنسبة 100%؛ والأفضل أن تهتم بما يمكنك التحكم فيه، وتتغاضى عن ما لا يمكنك التحكم فيه. كما يساعدك التركيز على ما في يديك وما تفعله الآن، في تخفيف التوتر. ولأننا نعيش في عصر الرغبة الدائمة في الترقية والتحديث، تنصح الخبيرة في التوتر كاثلين هول بالتوقف عن التفكير في الشيء الأكبر والأفضل في جميع جوانب حياتنا؛ وتوصي "بالامتنان للأشياء التي لدينا"؛ حيث تُظهر الدراسات أن المُمتنين يتمتعون بصحة عقلية أفضل وتوتر أقل.
تنفس كأنك بالون
عندما تكون متوترا، قد تشعر بضيق في التنفس ويُصبح تنفسك سطحيا، وشهيقك أسرع؛ لذلك تقترح الدكتورة ريمس أن "تخيل بالونا في معدتك، وفي كل مرة تتنفس فيها، يتمدد هذا البالون حتى آخره؛ ثم مع كل زفير يتقلص البالون تماما"؛ مجرد القيام بذلك عدة مرات "قد يساعدك على التنفس بشكل صحيح، ويخلصك من التوتر". فقد أظهرت الأبحاث أن "التنفس من البطن على وجه التحديد، قد يحسن الانتباه والمزاج ومستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)".
ركز على النية
لا تدع المشاعر السلبية تجتاحك، وابدأ يومك بنية التركيز على المشاعر الإيجابية بدلا من المشاعر السلبية؛ والتزم بذلك عند البدء في أي تفاعل أو مهمة تنوي إنجازها؛ وكلما بدأ التوتر يلوح في الأفق، قل "سيكون يومي أكثر سلاسة"؛ وسوف تجد نفسك أقل توترا.
استفد من ترياق العناق
وفقا للدكتورة ريمس "يُعد قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة ترياقا رائعا لعلاج التوتر". وتضيف المدربة الصحية والمؤلفة الدكتورة إليزابيث سكوت أن احتضان أحد أفراد الأسرة يُعد أحد أبسط أشكال تخفيف التوتر المتاحة، فهو يحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين المرتبط بتعزيز مستويات السعادة، والخفض من مستويات التوتر.
لاعب حيوانا أليفا
تقول ريمس "إن التفاعل مع الحيوانات يقلل من هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر، ويستخدم لمكافحة التوتر في جامعة كامبريدج". وكشفت دراسة استقصائية أجريت عام 2021 على مالكي الحيوانات الأليفة في الولايات المتحدة، أن التعامل مع حيواناتهم قد ساعد 87% منهم على تقليل التوتر. وهذا ما أكدته الدكتورة ساندرا باركر، مديرة مركز التفاعل بين الإنسان والحيوان بكلية الطب في جامعة فرجينيا، بقولها "إن ملاعبة حيوان أليف بعد أي شعور بالإجهاد قد تخفف التوتر بشكل كبير
غُص في الماء البارد
تقول خبيرة القلق والاكتئاب ديبرا كيسن "املأ حوضك وغص فيه، فتغيير درجة حرارة الجسم قد يُؤدي إلى تفكيك التوتر".
قد يشعرك غمر نفسك في الماء البارد بالرهبة، لكن بعض الدراسات أظهرت أن الاستحمام أو الغطس في الماء البارد له تأثير الجري نفسه، حيث يغمر الماء البارد الجسم بالإندورفين ويخفض مستويات الكورتيزول، مما يساعد في التخلص من التوتر.
مع ملاحظة أن الخبراء يحذرون من أن الغطس في الماء البارد قد يكون خطيرا في بعض الحالات.
الاستحمام أو الغطس في الماء البارد له تأثير الجري نفسه، مما يساعد في التخلص من التوتر مع بعض الحذر (شترستوك)
قَلّل المحفزات
ينصح آدم بورلاند بتقليل مسببات التوتر من خلال ممارسة مهارات إدارة الوقت، مثل تحديد الأولويات، وتنظيم اليوم، والاعتناء بالنفس، وطلب المساعدة من الآخرين. في بعض الأحيان، تكون أفضل طريقة لتقليل التوتر هي مقاطعة الأشياء التي تزيد منه كمشاهدة الأخبار، أو التواصل مع أجهزتك الإلكترونية، أو استهلاك مزيد من الكافيين؛ حتى تشعر بالهدوء والراحة.
جرب الحياكة
تؤكد كيسن أن هناك دليلا على أن الاستعمال الرتيب لإبرة الخياطة، في رتق جورب أو ما شابه، "يمكن أن يكون تأمليا ومهدئا"؛ وأن هناك أبحاثا أشارت إلى أن الحياكة وأعمال الإبرة والخيوط جعلت النساء المصابات بالتوتر واضطراب الأكل أقل قلقا.
دَلّك قدميك
تقول خبيرة التدليك في كلية باسيفيك للصحة والعلوم كيرا ناجل، لموقع "المعهد الأميركي للإجهاد" (Stress.org)، "هناك مستقبلات حسية في الجلد ترسل رسائل إلى دماغنا، تجعلنا أكثر إحساسا بمصدر التوتر في أجسامنا". لذا، تقترح ريمس تدليك القدمين باعتباره "إستراتيجية رائعة"، حيث يُعتقد أن "الضغط على مناطق معينة في قدميك باستخدام إبهامك وأصابعك يؤدي إلى تخفيف التوتر".
مدد جسمك
يقترح الخبراء الجري أو الرياضات الأخرى لمساعدتك على تقليل التوتر من خلال إفراز هرمون الإندورفين، المسكن لآلام الجسم الطبيعية، والمحسن للمزاج، والذي يجعلك تشعر بالاسترخاء. لكن الدكتور غونزاليس لومان، من جامعة نيويورك، يقول إنك "لست بحاجة لمرونة جسدية أو بساط يوغا؛ فقط يكفيك تخصيص 10 دقائق للتنفس والتمدد، بأي طريقة تشعرك بالراحة، وسوف تجد تأثيرا مهدئا"