جيل الفا او الجيل الالكتروني... ماذا تعرفون عنه؟
"جيل ألفا" (Generation Alpha) هو الجيل الذي وُلِد مع أوائل عام 2010، وما زال يولد حتى وقت كتابة هذه السطور. إنهم أبناء جيل الألفية (Millennials)، وأول جيل ولد في القرن الـ21. ولذلك فهم جيل تكنولوجي بامتياز أبصر النور بالكامل في عصر الثورة الصناعية الرابعة، عصر الذكاء الاصطناعي والخوارزميات، والحوسبة السحابية والألعاب الإلكترونية.
ويُطلق عليهم "المواطنون الرقميون الأصليون" (Digital Natives). ويُعتقد أيضا أنَّهم الجيل الأكثر وعيًا وذكاءً ومعرفة في التاريخ، فهم قادرون على القيام بأشياء تتجاوز أعمارهم بكثير. ما خصائص هذا الجيل ومميزاته؟ وبماذا يختلف أبناؤه عن الأجيال السابقة؟ وما الذي يمكن أن يفعلوه لمستقبل الإنسانيّة على الأرض؟ وهل هم أمل البشرية ومستقبلها كما يتوقّع الكثير من الباحثين؟
أكثر الأجيال عددًا في التاريخ
يعيش أكثر من 22 مليونًا من "الآباء الألفيين" في الولايات المتحدة وحدها، ويولد لهم يوميا نحو 9 آلاف طفل، وبحسب الباحث الأسترالي مارك ماكريندل يولد 2.5 مليون طفل من "جيل ألفا" كلّ أسبوع في أنحاء العالم. ويوضح الكاتب المتخصص في التنمية البشرية دان شاوبيل أنه اعتبارا من تموز 2014 كان هناك ما يقرب من 21 مليون طفل دون سنّ الرابعة في الولايات المتحدة وحدها، وأكبر أفراد هذا الجيل يتعلّم في المدارس الابتدائية حاليا. وعندما يولد جميع أفراد هذا الجيل بحلول عام 2025، سيصل عددهم إلى نحو ملياري شخص في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يعني أنَّهم أكثر الأجيال عددا في التاريخ، بحسب ما ذكرت مجلة "فوربس" (Forbes) الاقتصادية الأميركية.
جيل ربته الخوارزميات والذكاء الاصطناعي هو جيل تكنولوجي بامتياز؛ لأنَّه يمضي حياته منغمسا في الشاشات وعوالم التقنية، وعلينا أن نتذكر أنّ عام 2010 كان العام نفسه الذي تمّ فيه إطلاق "الآي باد" (iPad) للمرة الأولى، وظهر فيه تطبيق "إنستغرام" (Instagram) الذي كان "صيحة" ذلك العام.
و"الجيل ألفا" هو الجيل الأكثر غنى وتنوعًا وإلمامًا بالتكنولوجيا، وقد تمّ تشكيله بواسطة الخوارزميات والذكاء الاصطناعي. وتستهدف أجهزة وألعاب الذكاء الاصطناعي هذا الجيل بشكل خاص، بحسب تقرير نشرته مؤسسة "هوت واير آند وايرد كونسلتينغ" (Hotwire and Wired Consulting’s). وقد أشار التقرير إلى أنَّ بعض أجهزة وألعاب الذكاء الاصطناعي موجّهة تحديدا إلى "جيل ألفا"، مثل لعبة "هالو باربي" (Hello Barbie)، و"هاتشيمالز"
كل هذا يجعل هؤلاء الأطفال الصغار في غاية الأهمية للشركات، فهم "زبائن" الحاضر والمستقبل، لذا تعمل الكثير من العلامات التجارية على استهدافهم من خلال إستراتيجيات خاصة للتعامل معهم ومخاطبتهم وكسبهم. وفي هذا السياق، قالت إيما هازان من شركة "هوت واير": "إنّ الطاولات تتحول والأطفال هم صانعو القرار"، وفق تقرير نشرته منصة "هاف بوست" (Huffpost.com). خلال 10 سنوات فقط، تعلم أبناء هذا الجيل أن يصبحوا متسوقين أذكياء عبر الإنترنت، فقد ذكرت تقارير نُشرت عام 2020 أنّ 81% من الأطفال دون سن 12 عاما يؤثّرون على مشتريات الأسرة، بما يصل إلى نحو 500 مليار دولار من المشتريات سنويا، بحسب منصة "فوربس". ولا غرابة في ذلك، فهذا الجيل هو الأكثر "مادية" على الإطلاق، ونتيجة لذلك سيكون الأكثر ثراء عبر التاريخ، فقد شكّلته الخوارزميات وآليات الذكاء الاصطناعي للشركات التي تسعى إلى الربح. "جيل ألفا" متطلب جدا؛ لأنّه يريد كل شيء على أفضل صورة، وهو الجيل الأكثر ذكاءً من الناحية التقنية على الإطلاق، وسوف يتمتع أفراده بعمر أطول من أيّ جيل سابق، وسيعيش الكثير منهم حتى يروا القرن الـ22. وسيبقون على مقاعد الدراسة لفترة أطول. وبالتالي سيعيشون في المنزل مع والديهم إلى وقت متأخّر عن أسلافهم، ما يعني أنَّ دور الوالدين سيمتدّ إلى نطاق عمر أطول، إذ من المحتمل أن يبقوا في منازل أبويهم إلى أواخر العشرينيّات من أعمارهم، وفق منصة " مكريندل" (Mccrindle). قيم عظيمة نتيجة لتواصلهم الدائم مع أقرانهم في مختلف دول العالم، سيكون هذا الجيل أكثر انفتاحا وأقل عنصرية عمّن سبقهم من الأجيال. فهم يتّسمون بالتنوع العرقي وقبول الآخر، بصرف النظر عن لونه أو جنسه أو خلفيته الثقافية، وهم أكثر اهتماما بقضايا البيئة والتغير المناخي.
وبما أنّ المزيد من الآباء في عالمنا الحاضر يختارون إنجاب طفل واحد فقط، فهذا يعني أنَّهم سيتلقّون مزيدا من الرعاية والاهتمام والتعليم، وستكون لديهم موارد وإمكانات أكبر بكثير من الأجيال التي سبقتهم. وبحسب شركة "غرانت ثورنتون" (Grant Thornton)، فإنَّ هذا الجيل تتمّ تربيته من جانب آباء صالحين يؤمنون بقيم العائلة، ويعتقدون أنَّ الزواج المتين أكثر أهمية من مهنة ذات رواتب عالية. وهذه كلّها قيم عظيمة تنعكس إيجابا على جيل المستقبل، بحسب منصة "هاف بوست". وعليه، نحن أمام جيل جديد أكثر ذكاءً، وأكثر غنى ومعرفة وتعلما، وأكثر إيمانا بقيم العائلة، وأقل عنصرية، وأكثر تقبّلا للاختلافات الثقافية والحضارية بين البشر. وهم أيضا أكثر إيمانا بقيم العدل والمساواة، وأكثر اهتماما بالبيئة. وكل هذا سينعكس على مستقبل البشرية في مختلف أنحاء العالم الذي مزقته الخلافات والصراعات. فهذا الجيل الذي سيحكم عام 2050، من المتوقع أن يبني عالمًا مختلفًا عن العالم الذي نعيش فيه الآن، تُساعده في ذلك معطيات ونتائج أكبر ثورة في التاريخ، "الثورة الصناعية الرابعة"، وهي البيئة الحاضنة التي نشأ وترعرع فيها هؤلاء المواطنون الرقميون الأصليون.