وهم بصري يمكن أن يكشف عما إذا كنت تعاني من انفصام في الشخصية
الفصام، أو انفصام الشخصية، هو اضطراب يؤثر على طريقة تصرف الناس وتفكيرهم وإدراكهم للواقع. وغالبا ما يكون تشخيصه وعلاجه صعبا. ولا يوجد اختبار واحد لمرض انفصام الشخصية، ما يعني أن العديد من الأشخاص يمكنهم البقاء لوقت طويل دون تشخيص، وهذا يعني صعوبة العلاج، حيث أنه كلما تم علاج مرض انفصام الشخصية مبكرا، كان ذلك أفضل.
والفصام هو حالة صحية شديدة وطويلة الأمد تجعل المصابين غير قادرين على تمييز أفكارهم عن الواقع، لكن دراسة حديثة مشتركة بين علماء متخصصين من ألمانيا والمملكة المتحدة، نشرت في مجلة NeuroImage، وجدت أن مرضى الفصام لا ينخدعون بوهم بصري. وقال العلماء إن الطريقة التي يشاهد بها المرضى وهم فيديو "القناع المجوف" يمكن أن تساعد في تشخيص الحالة العقلية.
والفيديو عبارة عن قناع وجه أبيض يدور في الهواء. وللمشاهدين الأصحاء، سيظهر الجزء الخلفي من القناع محدبا، مثل مقدمة القناع، عندما يكون من المفترض أن يبدو مقعرا. ويقال إن الوهم قوي جدا لدرجة أنه حتى عندما يدرك المشاهدون الوهم، يستمرون في عدم القدرة على تمييز الوجه المقعر. وشرح العلماء الألمان أن السبب في ذلك هو أن الوهم يستدعي الطريقة التي يعالج بها الدماغ العالم المرئي. وأوضح العلماء أن أدمغتنا تعرف من التجربة أن الوجوه محدبة، لذا فإن عقولنا تعالج الصورة بطريقة منطقية بالنسبة لنا وتتوافق مع هذا التوقع. وهذا التوقع قوي جدا لدرجة أنه قادر على تجاوز ما نراه بالفعل. ومن المعروف أن المصابين بالفصام محصنون ضد بعض أوهام الرؤية. وتؤكد الدراسة الأخيرة أن مرضى الفصام لا ينخدعون بوهم "القناع المجوف"، وأن هذا قد يتعلق باختلاف في الطريقة التي يتواصل بها جزءان من أدمغتهم مع بعضهما البعض، في عملية "من أسفل إلى أعلى" لجمع المعلومات الواردة المرئية من العين، وعملية "من أعلى إلى أسفل" لتفسير هذه المعلومات.
وتحدث الأوهام عندما يفسر الدماغ المعلومات الحسية الواردة على أساس سياقها وتجربة الشخص السابقة ، وهذا ما يسمى المعالجة من أعلى إلى أسفل. في بعض الأحيان ، يمكن أن تعني هذه العملية أن تصور الناس عن شيء ما مختلف تماما عن الواقع. وتشير الدراسة الجديدة إلى أن مرضى الفصام يعتمدون بدرجة أقل على المعالجة " من أعلى إلى أسفل" أثناء الإدراك. اقترحت نتائج تحليل تصوير الدماغ أنه في المتطوعين الأصحاء، هناك اتصال بين جزأين من الدماغ، القشرة الجدارية التي تشارك في التحكم من أعلى إلى أسفل، لا سيما الانتباه المكاني، والقشرة القذالية الجانبية المشاركة في المعالجة من أسفل إلى أعلى للمعلومات المرئية، تزداد عند عرض الوجوه المجوفة. وفي مرضى الفصام، لم يحدث هذا التغيير في الاتصال. وتشير هذه النتائج إلى أن مرضى الفصام يجدون صعوبة في تنسيق الاستجابات بين مناطق الدماغ المختلفة، والمعروفة أيضا باسم "خلل الاتصال"، وأن هذا قد يساهم في مناعتهم تجاه الأوهام البصرية.
وتقوم مجموعة البحث الآن بالتحقيق في خلل الاتصال في مرض انفصام الشخصية، والذي يأملون في أن يعزز فهمنا لهذا الاضطراب. ويشار إلى أن مرضى الفصام ليسوا وحدهم الذين يرون الوجه المقعر، فالأشخاص السكارى أو المنتشون يمكنهم أيضا التغلب على الوهم.