شريحة حوسبة حيوية مصنوعة من البكتيريا تعد بثورة في القطاع الطبي
ام فريق من الباحثين بتطوير منصة للحوسبة الحيوية باستخدام الإنزيمات كعوامل مساعدة في الحوسبة الجزيئية المستندة إلى الحمض النووي. ويهدف العلماء لاستخدام هذه التقنية في تطوير أجهزة تتنقل داخل دورة الدم في جسم المريض للتشخيص والعلاج المتزامن، إلى جانب العديد من التطبيقات الطبية الأخرى. الحوسبة الحيوية هي مجال يجمع بين الحوسبة والعلوم الحيوية لتطوير أدوات حاسوبية لتحليل وفهم البيانات الحيوية، تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة لفهم العمليات الحيوية وتطوير العلاجات والتشخيصات الطبية الجديدة. الفريق البحثي تمكن من إنشاء دائرة كهربائية من الحمض النووي، داخل أنابيب الاختبار، وأعلنوا تفاصيل الدراسة في بحث جديد نُشر في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications).
الحوسبة الحيوية
وتشهد تكنولوجيا الحوسبة الحيوية نموا سريعا تلبية للاحتياجات الجديدة، مثل تخزين البيانات، وتصنيع الأنظمة المستقلة، ويعتمد التقدم السريع في هذا المجال على البحث المستمر وتطوير المعالجات الحيوية لتلبية العديد من الاحتياجات. ويتم إجراء الحوسبة الحيوية عادة إما بالخلايا الحية أو بجزيئات غير حية، لكن من مزايا الخلايا الحية لكائنات مثل البكتيريا أنه يمكنها إطعام نفسها والشفاء الذاتي، لكن من الصعب إعادة توجيه الخلايا نحو الحوسبة الحيوية. وقد تحل الجزيئات غير الحية بعض المشكلات، لكنها تُرسل "إشارات خرج" ضعيفة ويصعب ضبطها وتنظيمها. كما أن أجهزة الحاسوب التقليدية محدودة أيضا في قدرتها على التفاعل مع الأعضاء الحية، ولا يمكنها أن تشفي نفسها بطريقة طبيعية. ويشير مصطلح "إشارات خرج" إلى الإشارات التي تصدر من جهاز إلكتروني أو كهربائي وتستخدم للتحكم في أجهزة أخرى، وهي تستخدم في العديد من التطبيقات مثل الأتمتة الصناعية والروبوتات والأجهزة المنزلية والكثير من التطبيقات الأخرى. وتتطلب الغرسات المحوسبة إمدادا ثابتا بالكهرباء، ويمكن أن تسبب ندبات في الأنسجة الرخوة، وهذا ما أعاق تطوير الأجهزة الطبية لفترات طويلة، ولكن من خلال استخدام الجزيئات البيولوجية مثل الحمض النووي أو البروتينات، فإن الحوسبة الحيوية يمكن أن تتغلب على تلك القيود.
منصة "ترومبيت"
وقد طور فريق الباحثين في جامعة مينيسوتا الأميركية المنصة الجديدة للحوسبة الحيوية، وأطلقوا عليها اسم "ترومبيت" (Trumpet)، اختصارا لعنوان طويل. وتتميز منصة "ترومبيت" ببساطة الحوسبة الحيوية الجزيئية مع إمكانية البرمجة، ونظامها الأساسي موثوق به لتشفير جميع البوابات المنطقية، التي تعتبر أساسية للغات البرمجة، كما طور الفريق أداة على شبكة الإنترنت تسهل تصميم أكواد المنصة. وتستخدم المنصة الإنزيمات البيولوجية كمحفزات للحوسبة الجزيئية القائمة على الحمض النووي. وأجرى الباحثون عمليات على غرار العمليات التي تجريها جميع أجهزة الحاسوب، في أنابيب الاختبار باستخدام جزيئات الحمض النووي. حيث تم تصميم الجزيئات كدائرة إلكترونية، وأدى اتصال البوابة الموجب إلى توهج فوسفوري، والبوابة هي عنصر يتحكم في تدفق التيار الكهربائي في الدائرة، وعندما تكون البوابة مفتوحة، فإن التيار لا يمر في الدائرة، بينما عندما تكون مغلقة فإنه يمر فيها، وفي هذه الحالة يضيء الحمض النووي، ويطلق شعاعا فوسفوريا عند اكتمال الدائرة، تماما مثلما يضئ المصباح الكهربائي عند اختبار لوحة الدائرة الكهربية. وقالت كيت أدامالا، الأستاذة المساعدة في كلية العلوم البيولوجية في جامعة مينيسوتا، والمشاركة في الدراسة في بيان صحفي للجامعة إنها عبارة عن "منصة جزيئية غير حية، لذلك لا نواجه معظم مشكلات هندسة الخلايا الحية".
إمكانات هائلة في المستقبل
ويوفر نظام "ترومبيت" مبدأ جديدا للحوسبة الحيوية، ويهدف إلى تعبئة الفجوة بين المنطق الكيميائي الحيوي البسيط ودوائر الخلايا الحية الأكثر استقلالية مع تقنيات أخرى توفر حلول حوسبة حيوية شاملة لأهداف مبتكرة. وقالت أدامالا "بينما لا تزال المنصة في المراحل التجريبية المبكرة، فإنها تتمتع بإمكانات هائلة في المستقبل، ويمكن أن تتراوح الاستعمالات من التطبيقات الطبية البحتة، مثل شفاء الوصلات العصبية التالفة أو التحكم في الأطراف الصناعية، إلى المزيد من تطبيقات الخيال العلمي مثل الترفيه أو التعلم والذاكرة المعززة". ويمكن استخدام منصة "ترومبيت" في التشخيص الطبي والعلاجات المركبة داخل الجسم. على سبيل المثال، يمكن للدائرة البيولوجية اكتشاف مستويات الإنسولين المنخفضة لدى مريض السكري وتنشيط البروتينات لتصنيع الإنسولين المطلوب. وتستخدم المنصة لتطوير تطبيقات طبية حيوية للتشخيص المبكر للسرطان، ولتوفير تشخيص وعلاج للأمراض المزمنة. كما يمكن تضمين تطبيقات هذه المنصة لتشغيل نوع من الأجهزة الدقيقة والصغيرة بما يكفي لحقنها في مجرى دم المريض، وتنفيذ العديد من التطبيقات المستقبلية مثل زيادة الذاكرة البشرية، ولهذا فهذه التقنية لديها القدرة على إحداث ثورة مستقبلية في الطب وأجهزة الحاسوب.