وجدت دراسة حديثة أن التنافر المعرفي (مواجهة معلومات تتعارض مع طريقة تصرفنا أو مع ما نعتقد) يمكن أن يطلق العنان للألم الجسدي.
وتقول الدراسة إن الضائقة الذهنية الناجمة عن التنافر المعرفي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الضغط على الرقبة وأسفل الظهر.
وجمع فريق الباحثين من جامعة ولاية أوهايو وجامعة ميشيغان في الولايات المتحدة تعليقات نقدية على المتطوعين بعد إخبارهم أنهم ينفذون مهمة الرفع بشكل جيد.
وأظهرت النتائج أنه كلما زادت درجة التنافر المعرفي، زاد حجم الضغط على الأجزاء العلوية والسفلية من العمود الفقري، عند العنق وأسفل الظهر.
وتشير النتائج إلى أن التنافر المعرفي قد يكون عامل خطر لم يتم تحديده سابقا لآلام الرقبة وأسفل الظهر، ما قد يكون له آثار على الوقاية من المخاطر في مكان العمل، حيث يجب أن ندرك كيف أن الضغوطات النفسية والاجتماعية، والتنافر المعرفي على وجه التحديد، قد تضر بالصحة الجسدية.
وأدرك الباحثون أن الألم ينطوي على تفاعل معقد بين الجسم والعقل.
لكن الأمر استغرق عقودا قبل أن ينتشر بالفعل نموذج الألم "البيولوجي النفسي الاجتماعي" بعد أن تم وصفه لأول مرة في الثمانينيات.
والألم هو مزيج قوي من الضغوطات الجسدية والاجتماعية والنفسية، ما يعني أنه يمكن أن يتجلى من الإجهاد البدني المقترن بالضغوط المالية واعتلال الصحة العقلية.
ومع ذلك، فإن معظم الأبحاث حتى الآن تدور حول التعايش بين الألم المزمن والاكتئاب والقلق والميل إلى كارثة (التفكير في أن الأسوأ سيحدث أو أن الأشياء لن تتغير).
وأراد ويليام ماراس، باحث الميكانيكا الحيوية في جامعة ولاية أوهايو والمدير التنفيذي لمعهد أبحاث العمود الفقري، وزملاؤه، فهم ما إذا كان هناك عامل نفسي آخر، وهو التنافر المعرفي، يؤثر أيضا على آلام الظهر والعمود الفقري.
وفكر في التنافر المعرفي باعتباره الجلبة النفسية التي تنشأ عندما تحاول التوفيق بين معتقدات متعددة تبدو غير متوافقة.
ويمكن أن تسبب الصعوبة الكرب الذي يدفعنا للبحث عن نوع من الراحة النفسية.
وصمم ماراس وزملاؤه سلسلة من التجارب لمعرفة ما إذا كان هذا الانزعاج النفسي يظهر جسديا، على غرار كيف يمكن للاكتئاب والقلق أن يفاقموا الألم.
ويوضح ماراس: "للوصول إلى هذا الارتباط بين العقل والجسد، قررنا أن ننظر إلى طريقة تفكير الناس، وفي حالة التنافر المعرفي، عندما ينزعج الناس من أفكارهم".
وفي الدراسة المخبرية، تم تكليف 17 متطوعا بتحريك صندوق خفيف الوزن إلى مواضع دقيقة أثناء ارتداء مستشعرات الحركة لقياس مقدار الحمل الذي كانوا يضعونه على العمود الفقري والظهر.
وفي بداية التجارب، قيل لهم إنهم يتحركون بالطريقة الصحيحة لحماية ظهورهم.
ولكن بعد ذلك أصبحت التعليقات سلبية بشكل متزايد، وقيل للمشاركين إنهم يؤدون المهمة بطريقة غير مرضية.
وعند مقارنة درجات عدم الراحة للمشاركين بالحمل الميكانيكي (المقاومة الميكانيكية) على العمود الفقري، وجد الباحثون أن ذروة حمل العمود الفقري زادت بنسبة تتراوح بين 10 و20% عندما شعر الناس بالضيق من ردود الفعل السلبية مقارنة بالوقت الذي كانوا يشعرون فيه بقدراتهم الجيدة في بداية المهمة.
ويوضح ماراس: "حدث هذا الحمل المتزايد للعمود الفقري في ظل حالة واحدة فقط، مع حمولة خفيفة إلى حد ما.
يمكنك أن تتخيل كيف سيكون هذا مع المهام الأكثر تعقيدا أو الأحمال الأعلى".
وبعبارة أخرى، قد تؤدي الضغوطات النفسية والاجتماعية المتكررة إلى زيادة الضغط على العمود الفقري، ما يؤدي إلى الشعور بالألم، على الرغم من أن ذلك لا يزال بحاجة إلى اختبار.