هل نستيقظ ونحن نختنق؟.. تحذير من كارثة يتحول فيها النهار إلى ليل!
واحد من أشد الأخطار المحدقة بالحياة على الأرض لا يزال الحديث عنه بجدية يدور فقط داخل نطاق ضيق من العلماء والمتخصصين. هؤلاء يحاولون التحذير وسط ضجيج أصم ما يجري في الأمازون.
في دراسة جديدة وقع عليها 35 عالما من جميع أنحاء الأرض، أفيد بأن 3.6 مليون فدان في منطقة الأمازون البرازيلية جرى حرقها عمدا في النصف الأول من عام 2023، لاستغلال الأراضي في الزراعة والصناعة وتربية الماشية! لا يُرى الموقف الحرج بوضوح في تلك المناطق النائية التي تسمى "رئة الأرض" إلا بواسطة الأقمار الصناعية، فيما يحاول العلماء المختصون إبراز تلك الصور المفزعة لما يجري في غابات الأمازون التي تؤمن 20% من الأكسجين الذي يتنفسه أبناء الأرض، علاوة على أنها في نفس الوقت تمتص 25% من مجمل ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج على الأرض. العلماء يدقون منذ سنوات أجراس الإنذار محاولين لفت الانتباه إلى الكارثة التي تتضاعف مع تواصل ظاهرة الاحتباس الحراري، محذرين من أنه قد يأتي يوم ليس ببعيد لا يجد فيه الإنسان ما يملأ رئتيه ويستيقظ بعد فوات الأوان وهو يختنق!
الدراسة الجديدة تحذر من أن أكثر من مليون ميل مربع مما تبقى من غابات الأمازون، وهي مساحة تزيد عن 10 أضعاف مساحة بريطانيا، تعاني من ظاهرة تعرف بالتدهور. هذه المناطق لا تتم فيها إزالة الغابات، بل هي مناطق تتأثر بما يجري وتنبعث منها كميات كبيرة من الكربون مثل تلك التي تم قطع أشجارها! هذه العملية يسميها العلماء تأثيرات الحواف، أي تأثير المناطق التي أبيدت أشجارها على المناطق المجاورة الغابية. في هذا السياق يحذر البروفيسور جوس بارلو من جامعة لانكستر قائلا: "إزالة الغابات مهمة حقا ولكن نعم، إذا نظرنا إلى ذلك فقط، فإننا نتجاهل التغييرات في الغابات المتبقية التي يمكن أن تنبعث منها كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون مثل الغابات التي أزيلت". عالم المناخ كارلوس نوبر، رئيس اللجنة البرازيلية المعنية بتغير المناخ يقول: "تاريخيا كانت إزالة الغابات هي المحرك الرئيس لتغيير استخدام الأراضي في منطقة الأمازون. بين عامي 1975 و1985، تمت إزالة ما يقرب من 115000 ميل مربع من الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية، خاصة عن طريق إزالة الغابات واستبدالها بالمراعي والماشية"، لافتا إلى أنه مع ذلك بمرور الوقت، كانت هناك زيادة في المناطق التي لم تتم إزالة غاباتها بالكامل ولكنها عانت من مراحل مختلفة من التدهور.
نواقيس الخطر كانت قرعت بقوة في عام 2019 حين رُصد انتشار أعداد هائلة من الحرائق في غابات الأمازون، فيما أفيد بأن عددها في "رئة الأرض" ارتفع بنسبة 82٪ منذ بداية عام 2019 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. أفيد في هذا السياق بأن مجموع الحرائق التي استعرت في جميع أرجاء البرازيل بلغت حوالي 80 ألف حريق، علاوة على 40 ألف حريق مستعل آخر في غابات الدول المجاورة، وأنها دمرت بالفعل 1.8 مليون هكتار من موارد الغابات الاستوائية الفريدة. من مضاعفات ذلك الجحيم من الحرائق أن سكان المدن المجاورة عانوا من الدخان الأسود الذي غطى السماء، ما عبر عنه أحد سكان مدينة ساو باولو بالقول إن "النهار بدأ يتحول إلى ليل"!
الظاهرة تحدث عنها خبراء من معهد العلوم البيولوجية بجامعة ساو باولو، بالإشارة إلى أن مياه الأمطار تحولت إلى اللون الأسود بسبب انتشار الرماد في الغلاف الجوي الذي وصل إلى المدينة، بعد أن قطع آلاف الكيلومترات. غابات الأمازون المطيرة تعد الأكبر من نوعها في العالم، ويقع 60 ٪ منها في البرازيل، و13 ٪ في بيرو و10٪ في كولومبيا، والباقي في البلدان المجاورة. هناك يوجد ما يصل إلى نصف التنوع البيولوجي على الأرض، ويتمثل في حوالي 40 ألف نوع من النباتات، وثلاثة آلاف نوع من الأسماك، وألفي نوع من الطيور، وأكثر من ألف نوع من الثدييات والبرمائيات والزواحف، وما يقرب من 130 ألف نوع من اللافقاريات. حتى الآن لا يزال يوجد متسع من الوقت، ويمكن للبشر على الرغم من مظاهر التغير المناخي المحسوسة، ملء رئتيهم بالأكسجين، ولكن بالفعل هل سيبقى البشر يتفرجون على ما يجري في "الأمازون" إلى أن يستيقظوا فزعا وهم يختنقون؟