مجلس الدولة الفرنسي يعيد النظر في حظر ارتداء العباءة بالمدارس.. ماكرون: منع العباءة في مدارس فرنسا هدفه الدفاع عن العلمانية ومبادئ االجمهورية
يعقد مجلس الدولة الفرنسي أولى جلساته من أجل إعادة النظر في مسألة حظر ارتداء الطالبات العباءة في المدارس، بعد يوم من العمل بقرار الحظر. وبحسب وسائل إعلام محلية، تقدمت جمعية "إي دي إم" التي تدافع عن حقوق المسلمين بفرنسا، بشكوى ضد حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بعد قرار حظرها للعباءة في المدارس، بدعوى انتهاكها للحريات الأساسية.
وفي اليوم الأول للعام الدراسي أشار وزير التعليم غابريال أتال إلى أنهم حددوا 298 طالبة جئن لمدارسهن مرتديات العباءة، وفق تصريحاته لقناة "إف إم"، وأضاف أن أكثر من نصف الطالبات خلعن العباءة بعد تنبيههن بالقانون الجديد.
إضراب المدارس
وردا على القانون الجديد أعلن المدرسون في ثانوية موريس أوتريلو في العاصمة باريس دخولهم إضرابا اعتبارا من يوم غد الأربعاء. وأكد المدرسون رفضهم وسم الطالبات ممن يرتدين العباءة أو ما شابهها، ورفضهم أيضا مراقبة زي الطلاب أثناء دخولهم المدرسة، وطالب المدرسون أولياء الطلاب كافة بالتجمع أمام المدرسة من أجل الاحتجاج على قرار الحظر. ويوم السبت الماضي، قال ماكرون خلال زيارته ثانوية مهنية في أورانج جنوبي فرنسا "لن ندع أي شيء يمر. نعلم أنه ستكون هناك حالات -جراء الإهمال ربما- ولكن حالات كثيرة لمحاولة تحدي النظام الجمهوري. علينا أن نكون حازمين". وتابع أنه "لا ينبغي أبدا ترك المعلمين ومديري المدارس يواجهون بمفردهم الضغوط أو التحديات القائمة بشأن هذا الموضوع"، وأضاف أن "فرسان الجمهورية" هؤلاء لديهم "الحق في الدفاع عن العلمانية"، حسب تعبيره.
استنكار القرار
في المقابل، أعرب طيف واسع من الفرنسيين عن استنكارهم قرار حظر العباءة، وعلى رأسهم المعارضة اليسارية داخل البرلمان وخارجه. وقال مانويل بومبار منسق حزب فرنسا الأبية -الذي يتزعمه ميلانشون- إنه سيقترح على المجموعة البرلمانية للحزب رفض هذا القرار -الذي وصفه بالخطير والقاسي- وطرحه للمراجعة أمام مجلس الدولة بغرض إثبات أنه قرار مخالف للدستور. تجدر الإشارة إلى أن فرنسا سلكت طريق الفصل بين الدين والدولة مع قانون العلمانية عام 1905، وحظرت ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات العامة لأول مرة عام 1989. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1989 طردت 3 طالبات (مغربيتين وجزائرية) في المرحلة الإعدادية لرفضهن خلع الحجاب في المدرسة، لتدرج الحادثة في القاموس السياسي للبلاد باسم "قضايا كراي للحجاب" نسبة إلى البلدة التي تقع فيها المدرسة بإحدى ضواحي باريس.
الانتماء الديني
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، قررت المحكمة الإدارية العليا أن حمل أو ارتداء الطلاب رموزا تكشف عن انتمائهم الديني لا ينتهك العلمانية. ومع بقاء مسألة الحجاب موضع جدال في البلاد لسنوات طويلة، صدر عام 2004 قرارا بحظر ارتداء الرموز الدينية في المدارس الحكومية. وعام 2010، حظرت فرنسا ارتداء الملابس التي تغطي الوجه بالكامل مثل البرقع والنقاب في الأماكن العامة.
ماكرون: منع العباءة في مدارس فرنسا هدفه الدفاع عن العلمانية ومبادئ االجمهورية
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجددا، أن قرار الحكومة منع العباءة في المدارس يهدف إلى "الدفاع عن العلمانية ومبادئ الجمهورية"، على حد زعمه.
وفي مقابلة أجراها معه اليوتيوبر "أوغو ديكريبت" على قناته، أوضح ماكرون قائلا: "نحن نعيش أيضاً في مجتمعنا مع أقلّية، مع أشخاص يغيرون وجهة الديانة ويأتون لتحدي الجمهورية والعلمانية"، حيث جاء هذا التصريح، ردا على سؤال طرحه عليه المذيع بشأن قرار الحكومة أخيرا حظر العباءة في المدارس والثانويات والمعاهد، علما بأن هذا الثوب الذي ترتديه بعض الفتيات المسلمات يُنظر إليه من قبل كثيرين على أنه وسيلة للدعوة إلى الإسلام. وتابع ماكرون: "في بعض الأحيان حصل ما هو أسوأ..لا يمكننا التصرف كما لو أنه لم يقع هجوم إرهابي ولم يكن هناك صامويل باتي"، إذ أنه في 16 أكتوبر 2020، قُتل أستاذ التاريخ والجغرافيا صامويل باتي (47 عاماً) أمام مدرسته في المنطقة الباريسية طعنا بيد الجهادي عبد الله أنزوروف الذي قطع رأس المعلم قبل أن ترديه الشرطة قتيلا. وقُتل هذا الأستاذ بعد أيام من عرضه على تلامذته خلال حصة حول حرية التعبير رسوما كاريكاتورية للنبي محمد، حيث أوضح الجهادي في تسجيل صوتي أنه ارتكب فعلته "انتقاما للنبي". وفي معرض شرحه مبرّرات قرار منع العباءة، أردف الرئيس الفرنسي موضحا: "أنا أقول فحسب إنّ هذا النظام موجود..لقد حدث ذلك لأن مدرسا كان يعطي درسا عن العلمانية في فصله، ومن ثم حصل هياج على مواقع التواصل الاجتماعي أعقبه إقدام أشخاص على ارتكاب الأسوأ". واستطرد إيمانويل ماكرون ردا على استفسار المذيع: "أنا لا أقارن بين أعمال الإرهاب والزي الذي ترتديه بعض الفتيات المسلمات"، متابعا: "أنا فقط أقول لك إن مسألة العلمانية في مدرستنا هي مسألة جوهرية". كما أكد ماكرون أنه يؤيد إجراء "تجارب" و"تقييم" لارتداء زي مدرسي موحد في المدرسة، وأنه يفضل في هذا الإطار "زيّا أحاديا" كونه "أكثر قبولا" من قبل المراهقين، مضيفا: "هناك الزيّ الرسمي، وهناك أيضا الزي الأحادي..أي من دون أن يكون لدينا زيّ موحد، يمكننا أن نقول (للتلامذة)..ارتدوا بنطلون جينز وقميصا وسترة.. مسألة الزي الأحادي هي برأيي أكثر قبولا، وقد تبدو أقل صرامة من وجهة نظر الانضباط". وأوضح قائلا: "هذا الزي يحل الكثير من القضايا.. أولا.. العلمانية، وثانيا.. يوفر بعض الحشمة، فنحن لا نريد ملابس غريبة الأطوار للغاية". وأعلن وزير التربية الفرنسي، غابريال أتال، الشهر الماضي، أنه "سيحظر ارتداء العباءة في المدارس" في فرنسا، مشددا على سعيه لوضع "قواعد واضحة على المستوى الوطني" لمدراء المدارس.