لولا الدعم الأميركي.. لكانت إسرائيل تقاتل بالعصي والحجارة: خلافات وانقسامات داخل كابينت الحرب بشأن اليوم التالي للحرب
قال محلل الشؤون السياسية في "القناة 12"، أمنون إبراموفيتش، إنّه لو لم تُساعد الولايات المتحدة "إسرائيل" بالأسلحة والذخائر وبتوجيه رسائل إلى إيران وحزب الله، لكنّا "اضطررنا إلى القتال بالعصي والحجارة". وأوضح إبراموفيتش أنّ ذلك "يعكس منطق اعتماد إسرائيل المطلق على الولايات المتحدة"، فبايدن، "وقف في بداية الحرب إلى جانب إسرائيل، مرسلاً حاملتي طائرات وغواصة نووية وقطاراً جوياً من الذخائر، غير مسبوق، ولم يتوقف حتى الآن". ولفت إلى أنّ الولايات المتحدة وجّهت بذلك رسالة إلى حزب الله وإيران، مفادها أنّه "إذا بدأتم حرباً ضد إسرائيل، فسيكون عملكم معنا". لكن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، كان قد توجّه إلى الأميركيين، قائلاً إنّ "أساطيلكم التي تهددوننا بها في البحر المتوسط لا تخيفنا، ولن تخيفنا في يوم من الأيام، ولقد أعددنا لها عدتها أيضاً". وشدّد السيد نصر الله وقتها على أنّه "إذا حدثت الحرب في المنطقة، فلا أساطيلكم تنفع، ولا القتال من الجو ينفع"، مضيفاً أنّه "في أي حرب إقليمية، ستكون مصالحكم وجنودكم الضحية والخاسر الأكبر"، ليُعلن البيت الأبيض بعد خطاب السيد نصر الله أنّ واشنطن لا تُريد أن ترى الحرب بين "إسرائيل" وحماس تتوسع إلى لبنان. وفي وقتٍ سابق، قال اللواء في احتياط الاحتلال الإسرائيلي ورئيس أمان سابقاً، أهارون فركش، إنّ "إسرائيل لا تستطيع الاستمرار وتحقيق أهدافها في غزة من دون دعم الولايات المتحدة عسكرياً وسياسياً واستراتيجياً". وتواصل الولايات المتحدة مدّ كيان الاحتلال بالذخائر والأسلحة العسكرية منذ بداية الحرب، فأمس الجمعة، أقرّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بيع قذائف مدفعية لـ "إسرائيل" عيار 155 ملليمتراً ومعدات مرتبطة بها "من دون مراجعة الكونغرس"، بحسب وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون". وهذه هي المرة الثانية هذا الشهر، التي تتخطى فيها إدارة بايدن، مراجعة الكونغرس لبيع أسلحة لكيان الاحتلال، إذ استخدمت الإدارة سلطة الطوارئ، في التاسع من كانون الأول/ديسمبر، للسماح ببيع نحو 14 ألف قذيفة دبابة لـ"إسرائيل". وبالإضافة إلى الدعم العسكري الأميركي المباشر لـ"إسرائيل"، سعت واشنطن لنشر ما لا يقل عن 12 منظومة دفاع جوي في دول عديدة في الشرق الأوسط، في إطار خشيتها من توسّع معركة "طوفان الأقصى"، ومشاركة جبهات أخرى. وقد تمثّل هذا الدعم أيضاً بزيارات مسؤولين أميركيين للأراضي المحتلة، وعلى رأسهم بايدن، إضافةً إلى الاتساق مع السردية الإسرائيلية في نقل الأحداث.
وفي هذا السياق، صرّح ضابط الاستخبارات الأميركي المتقاعد، سكوت ريتر، بأنّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يريد بشكلٍ بائس جر الولايات المتحدة إلى هذه الحرب، لأنّه يعلم أنّ قواته غير قادرة على إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر، "في إشارة إلى الحرب ضد غزة واحتمال توسع الجبهات". وأكّد ريتر أنّ ليس لدى الولايات المتحدة الإمكانيات العسكرية لمساندة "إسرائيل" لهزيمة حزب الله أو إيران. وختم حديثه بأنّ "اللاعب الأساسي في هذه الحرب هو السيد حسن نصر الله، وهو الذي سيقرر ما سيحصل في هذه الحرب". وقد أقرّ الإعلام الإسرائيلي، بأنّ حزب الله نجح في ردع "إسرائيل"، معتبراً أنها غير قادرة على فتح حرب مع لبنان. وقال معلق الشؤون السياسية في "القناة 13" الإسرائيلية، ألون بن ديفيد، إنّ الكيان "لن يستطيع إبعاد قوات الرضوان إلى ما بعد الليطاني". ومع مواصلة المقاومة الإسلامية في لبنان، عملياتها ضد أهداف إسرائيلية على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، أكّد مراسل القناة نفسها، شلومي ألداد، أنّ "الانتصار الكبير لحزب الله، ليس انتصاراً عسكرياً فقط". وأوضح المراسل الإسرائيلي شماليّ فلسطين المحتلة، في هذا السياق، أنّ "100 ألف إسرائيلي تركوا منطقة الحدود مع لبنان، وأعمالهم منهارة"، من دون أن يحدّد لهم أحد في "إسرائيل" سقفاً زمنياً لهذا الوضع.
ومن جهة أخرى، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود خلافات داخل "كابينت" الحرب الإسرائيلي، بسبب امتناع رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن مناقشة اليوم التالي للحرب. وقال المعلق السياسي في قناة "كان"، ميخال شيمش، إنّ "هناك الكثير من الخشية والتوتر داخل كابينت الحرب قبل أسبوع حاسم"، مشيراً إلى أنّ "أحد المواضيع الذي تسبب بالخلاف والمواجهات داخل هذا الكابينت هو مسألة اليوم التالي". وأضاف أنه "على نتيناهو أن يقرر إما بني غانتس (عضو كابنيت الحرب الإسرائيلي) أو بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية الإسرائيلي) وهذا القرار يجب أن يتخذه قريباً"، لافتاً إلى أنّ "العلاقات أيضاً مع يؤاف غالانت (وزير الأمن) ليست جيدة منذ بداية الحرب، يمكن القول إنّ غالانت وغانتس رفضا الدعوة التي أتت من مكتب نتنياهو للمشاركة في المؤتمر الصحافي المشترك، والكراسي الثلاثة التي رأيناها على الشاشة كما يبدو ستبقى فارغة". كذلك، أفاد الإعلام الإسرائيلي بأنّ "الجيش" منزعج لأنّ المستوى السياسي لم يحدد بعد أهداف استمرار الحرب، ويرى أنّ الإنجازات الميدانية "تتآكل مع مرور الوقت دون عملية سياسية". وأشار إلى أنّ مكتب نتنياهو أخبر غانتس وغالانت أنه لا يمكن مناقشة اليوم التالي في منتدى "كابينت" الحرب، لأنه "سيخلق أزمة في الائتلاف". وردّ غانتس بغضب، قائلاً: "حتى لو نشأت أزمة ائتلافية، فهذا ليس سبباً لعدم مناقشة أمر اليوم التالي للحرب. ويجب أن يعرف الجيش ما هو مخطط له في المرحلة الرابعة من أجل الاستعداد لاستمرار القتال". وتساءل غانتس: "منذ متى لا نناقش مثل هذه الأمور في الكابينت؟ المنتدى الثاني ليس منتدى لمناقشة مثل هذه الأمور. أين مكتوب أنه ممنوع اتخاذ موقف قبل أن نصل إلى المنتدى الموسع؟". بدوره، علّق غالانت بالقول إنّ "هذا المنتدى (كابينت الحرب) ليس منتدى تقنياً، ويجب أن نناقش هذا الموضوع في هذا المنتدى". وتعليقاً على هذه الخلافات، قال المعلق السياسي في "القناة 13"، تسيفي عوفايا، إنّ "منظومة العلاقات بين هذا الثلاثي، وتحديداً غالانت وغانتس مقابل نتنياهو، لا يزال يشوبها قلة تقدير وتشكيك، وفي بعض الأحيان يمكن أن يمسّ هذا بإدارة الحرب". يُشار إلى أنه قبل أيام، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي، إيتمار بن غفير تشاجر مع عناصر الحماية الذين رفضوا السماح للمتحدث باسمه من الدخول إلى جلسة "الكابينت" الموسّع. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ بن غفير دخل وخرج من جلسة "الكابينت" وهو غاضب، بسبب عدم إدخال المتحدث باسمه إلى "الحفرة" (مكان محصّن تحت الأرض في مبنى وزارة الأمن). وقبل ذلك، انتقد بن غفير أداء وتصرفات وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، وقال عنها إنّها تصرفات "مرتبكة". وفي وقتٍ سابق، أكّدت وسائل إعلام إسرائيلية، أنّ العلاقات بين المستويين السياسي والعسكري في "إسرائيل" تدهورت، مضيفةً أنّ "تدهور العلاقات تتفاقم كلّما مرّ الوقت". وعمّقت أحداث 7 أكتوبر، الخلافات بين القادة الإسرائيليين بشأن المسؤولية عن الإخفاق الكبير الذي مُنيت به "إسرائيل"، وتتزايد الخلافات على المستوى السياسي والعسكري مع تصاعد المعارضة وسط المستوطنين والانتقادات لحكومة نتنياهو بشأن إدارتها للحرب وملف الأسرى.