ذكر تقريرٌ للأمم المتحدة أنّ ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قُتلوا في مدينة واحدة في منطقة غرب دارفور بالسودان العام الماضي، وذلك نتيجة أعمال عنف عرقية نفّذتها قوات "الدعم السريع".
وفي التقرير المقدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عزا مراقبو العقوبات المستقلون التابعون للأمم المتحدة عدد القتلى في الجنينة إلى مصادر مخابراتية وقارنوها مع تقديرات الأمم المتحدة التي تفيد بمقتل نحو 12 ألف شخص في جميع أنحاء السودان منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".
وكتب المراقبون أن الجنينة شهدت بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو من العام الماضي "أعمال عنف مكثفة"، متّهمين قوات "الدعم السريع" وحلفائها باستهداف قبيلة "المساليت" العرقية الأفريقية في هجمات "قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأوضح مراقبو العقوبات أنّه "جرى التخطيط والتنسيق والتنفيذ للهجمات من جانب قوات الدعم السريع والمتحالفين معها".
كما وصف المراقبون الاتهامات بأنّ الإمارات العربية المتحدة قدمت دعماً عسكرياً لقوات الدعم السريع عبر مدينة أمدجراس الواقعة شمالي تشاد، بأنّها "ذات مصداقية".
وكان قائد كبير في الجيش السوداني قد اتّهم الإمارات في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بدعم المجهود الحربي لقوات "الدعم السريع".
"طلقة في الرأس"
وتضمّن التقرير سرد ناجين من المجازر قصصاً ومشاهد مروعة لإراقة الدماء في الجنينة، وعلى الطريق الذي يبلغ طوله 30 كيلومتراً من المدينة إلى الحدود مع تشاد بينما كان الناس يفرون. ففي الفترة ما بين 14 و17 حزيران/يونيو الماضي، فرّ نحو 12 ألف شخص من الجنينة سيراً على الأقدام إلى أدري في تشاد.
وعندما كانوا يصلون إلى نقاط التفتيش، التابعة لقوات الدعم السريع، كان يجري فصل النساء والرجال، حيث كانوا يتعرضون للمضايقة والتفتيش والسرقة والاعتداء الجسدي، بحسب التقرير.
وجاء في التقرير أنّ قوات "الدعم السريع" أطلقت أيضاً النار عشوائياً على سيقان مئات الأشخاص لمنعهم من الفرار، ما أدّى إلى إصابة وقتل النساء والأطفال.
وأيضاً، كان يجري استهداف الشباب بشكل خاص واستجوابهم بشأن انتمائهم العرقي، وإذا تبين أنهم من "المساليت"، يتمّ إعدام العديد منهم بعد إجراءات موجزة برصاصة في الرأس.
أمّا النساء فتعرضن للاعتداء الجسدي والجنسي، إذ أبلغ المراقبون عن أعمال عنف جنسية "واسعة النطاق" مرتبطة بالنزاع ارتكبتها قوات الدعم السريع وحلفائها.
وتكلم جميع من تحدث للمراقبين عن "العديد من الجثث على طول الطريق، بينها جثث نساء وأطفال وشبان"، موضحين أنّ "المساليت" كانوا يُشكّلون الأغلبية في المدينة إلى أن أجبرتهم الهجمات على النزوح الجماعي.
"قوة نيران جديدة"
كذلك، أوضح المراقبون أنّ سيطرة قوات "الدعم السريع" على معظم أنحاء دارفور، اعتمدت على 3 خطوط دعم، هي المجتمعات العربية المتحالفة، والشبكات المالية النشطة والمعقدة، وخطوط الإمداد العسكرية الجديدة التي تمر عبر تشاد وليبيا وجنوب السودان.
وكتب المراقبون في التقرير أنّ "الشبكات المالية المعقدة التي أنشأتها قوات الدعم السريع، قبل وفي أثناء الحرب، مكّنتها من الحصول على الأسلحة ودفع الرواتب وتمويل الحملات الإعلامية والضغط وشراء دعم الجماعات السياسية والمسلحة الأخرى".
وأضاف التقرير أنّ "قوات الدعم السريع استخدمت عائدات من أعمالها في مجال الذهب قبل الحرب لإنشاء شبكة تضمّ ما يصل إلى 50 شركة في العديد من القطاعات، بحيث تم تهريب معظم الذهب الذي كان يصدر في السابق إلى الإمارات العربية المتحدة إلى مصر".
وخلص التقرير إلى أنّ قوة النيران الجديدة التي حصلت عليها قوات الدعم السريع "كان لها تأثير هائل في توازن القوى، سواء في دارفور أو مناطق أخرى من السودان".
إلى ذلك، تركت الحرب ما يقرب من نصف سكان السودان البالغ عددهم 49 مليون نسمة في حاجة إلى المساعدة، في حين فر أكثر من 7.5 مليون شخص من منازلهم، ممّا جعل من السودان أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم، فيما الجوع ينتشر.
وقال مراقبو العقوبات لمجلس الأمن إنّ "الإفراط في مسارات الوساطة والمواقف الراسخة للأطراف المتحاربة والمصالح الإقليمية المتنافسة يعني أنّ جهود السلام هذه لم توقف الحرب بعد أو تحقق تسوية سياسية أو تعالج هذه الأزمة الإنسانية".