سيريا ستار تايمز - وكالة إخبارية عالمية


الأرجنتين: سياسات ليبرالية خانقة للرئيس.. وموجة من الاحتجاجات والدعوات للإضراب


في إطار سعيه لتحويل الأرجنيتن، مرة جديدة، في اتجاه السوق الحرة، والسياسات النيوليبرالية، يجاهر الرئيس الأرجنتيني الجديد، خافيير ميلي، باعتماده سياسة الصدمة، لتمرير مشاريعه الاقتصادية، الأمر الذي يعيد الشعب الأرجنتيني إلى ذكريات مؤلمة من تاريخه الحديث.
موجة من الاحتجاجات والمظاهرات والدعوات للإضراب، تعصف بالأرجنيتن، بعد إعلان الحكومة الجديدة، سلسلة من القوانين لتعديل النظام الاقتصادي في البلاد، سعياً، كما تُعلن، لوقف انهيار العملة والتضخم الكبير في الأسعار.

السياسة الليبرالية المتطرفة

في خطاب التنصيب للرئيس الأرجنيتيني الجديد، اليميني المتطرف، خافيير ميلي، في العاشر من كانون الأول من العام الفائت، أعلن للشعب الأرجنيتي أنه في ظل عدم وجود المال في خزينة الدولة "لا مناص من اتخاذ إجراءات تصحيحة في الميزانية قد تصل إلى حد الصدمة". تصريح يعيد إلى الأذهان كلام الباحثة الكندية، نعومي كلاين، حول "عقيدة الصدمة"، حيث تستغل السلطات الكوارث الطبيعية، أو الحروب، أو حالات الانهيار الاقتصادي لفرض سياسات السوق المفتوحة، النيوليبرالية، من خلال فرض مجموعة من القوانين، ما كانت لتلقى قبول عامة الشعب، في الحالات الطبيعية. وهو ما مهّد له الرئيس المنتخب في الخطاب نفسه حين قال: "إن الأمور ستزداد سوءاً على المدى القصير". بعد مرور حوالي الأسبوع على تنصيبه، أعلن الرئيس المنتخب خطته لـ"تحرير الاقتصاد الوطني"، مرجعاً الأرجنتيين إلى ذكريات مؤلمة مع النظام الاقتصادي، للدكتاتورية التي حكمتهم مع "خورخه فيديلا" بين عامي 1976 و 1983. تتضمن الخضة المكونة في 501 صفحة سلة كبيرة من "الإصلاحات الاقتصادية" التي تقود الأرجنيتن نحو سياسات السوق المفتوحة، وإلغاء سياسات الدعم والرعاية أهمها:

إلغاء قوانين الإيجارات، وهو ما حرر أسعار الإيجار، الأمر الذي دفع بالعديد من الأرجنتينيين إلى الشارع، بعدما رفض أصحاب المنازل، تجديد عقود الإيجار، في ظل الارتفاع المستمر في الأسعار، بانتظار استقرارها.
إلغاء القوانين التي تمنع خصخصة الشركات العامة، في خطوة تمهيدية لتحويل القطاع العام، إلى قبضة السوق الحرة، وبالتالي تحرير مسؤولية الدولة من تقديم الخدمات العامة.
تحديث قانون العمل، والذي يجعل من تسريح العمال أكثر مرونة.

عودة إقطاعية إلى زمن المقايضة

ألغى مرسوم رئاسي نشرته حكومة ميلي في كانون الأول/ديسمبر قانون الإيجار لعام 2020، والذي تم تعديله في العام 2023، وأصبحت بذلك عقود الإيجار خاضعة لاتفاقية "محررة" بين الأطراف بشأن مدة الإيجار، وآلية زيادة البدلات، ووسائل الدفع. وأعلنت وزيرة الخارجية، والتجارة الخارجية الأرجنيتينة، ديانا موندينو، في منشور على حسابها على منصة "إكس"، إمكانية أن تكون وسائل الدفع متنوعة، كأن يُدفع الإيجار بعملة "البيتكوين، أو أي عملة مشفّرة أخرى، أو نقود، مثل كيلوغرامات من لحم البقر، أو لترات من الحليب". وهو ما وصفه الناشطون الاقتصاديون، والنقابيون بـ"عودة إقطاعية إلى زمن المقايضة"، في ظل رفض شعبي كبير لهذه القرارات. كما أكد رئيس منظمة "إنكيلينوس أغروبادوس" (مستأجرون مجتمعون) خيرباسيو مونيوز، أنّ المنظمة تستقبل "أشخاصًا يائسين، لا يعرفون أين سيعيشون في اليوم التالي". مؤكداً على أنّ الوضع في سوق العقارات "خطير جدًا" ويُتوقع أن يتفاقم أكثر. حتى أنّ أسعار اللحوم والحليب، أصبحت مرتفعة على غرار أسعار الفاكهة والخضار وكلّ السلع الأخرى. وهذا ما يوضحه الخبير الاقتصادي هرنان ليتشر، حيث أن انخفاض قيمة العملة ينعكس أولًا في أسعار الواردات. ولكن سواء كان القطاع يستخدم سلعًا مستوردة أم لا، ترفع كل القطاعات أسعارها "لكي لا تتخلّف عن الركب". ويضيف "لذلك هناك أثر مباشر لانخفاض قيمة العملة في الأرجنتين على الأسعار. وهناك ميل لتعديل الأجور في مراحل لاحقة متأخرة".

اعتراضات وطعن قضائي ضد تعديلات ميلي

في حين شهد الشهر الأخير من عام 2023، مظاهرات كبيرة في الأرجنيتن، حيث نزل آلاف الأرجنتينيين إلى شوارع بيونس أيريس، للاحتجاج على خطة "الإصلاح الاقتصادي"، تتحضر البلاد إلى إضراب عام بدعوة من أكبر اتحاد عمالي في الأرجنيتن، في 24 كانون الثاني يناير الجاري، حيث قال الأمين العام لـ"الاتحاد العام للعمال"، هيكتور داير، إن الإضراب المقرر "يأتي احتجاجاً على مرسوم وحزمة مشاريع قوانين اقترحها ميلي ومن شأنها أن تمنح الرئيس كل السلطات العامة". كما أعلنت منظمة "إنكيلينوس أغروبادوس" الحقوقية، أنها اتخذت إجراءات قانونية، لإعلان بطلان المرسوم الرئاسي، في واحد من الطعون الكثيرة التي قدّمت ضد إصلاحات ميلي التي تؤثر في هذه الأثناء على الحياة اليومية للأرجنتينيين.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,