نتنياهو جبان وخطته لاجتياح رفح تثير خلافاته مع الجيش.. استمرار الحرب في غزة يوسّع الهوّة بين إسرائيل والعالم
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ أوامر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالاستعداد لبدء عملية عسكرية في رفح، أثارت الكثير من الخلافات بينه وبين "الجيش" الإسرائيلي. ووفق محلل شؤون سياسية في القناة الـ 12 الإسرائيلية، يارون أبرهام، فإنّ "نتنياهو ناقش قبل أيام مع رئيس الأركان استمرار العملية العسكرية، حيث برز خلاف بين الطرفين بشأن احتلال رفح". وتابع أنّه "فيما يضغط نتنياهو على الجيش لإيجاد حلول سريعة، يؤكد رئيس الأركان هرتسي هليفي على ضرورة تأمين الظروف المؤاتية كإخلاء المنطقة والتنسيق مع مصر". وشكّك خبراء ومعلقون في قدرة نتنياهو على تحقيق مفهوم "النصر المُطلق" الذي لا يفتأ يكرّره في الآونة الأخيرة، وسط اتهامات بأنه يخلط بين الأهداف الشخصية والحربية، وفق أبرهام. من جانبه، قال محلل الشؤون السياسية في القناة الـ 12 الإسرائيلية، أمنون أبرموفيتش، إنّ "نتنياهو الجبان غير قادر على إتمام العمل العسكري المرفق بعمل سياسي، وهو قادر فقط على مواصلة الكلام مثل ترديد عبارة أنا أعطيت التعليمات وأعطيت الأوامر لتحقيق النصر المطلق". وفيما رأى معلقون أن إعلان نتنياهو عن أن تحقيق النصر المطلق بات في متناول اليد، يخدمه سياسياً فقط، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود باراك إنّه "من الهذيان الاعتقاد بأن من جلب الفشل التام قادر الآن على تحقيق النصر الكامل". وقبل أيام، جدّد رئيس حكومة الاحتلال، تأكيده مواصلة العدوان على قطاع غزة لعدة أشهر، زاعماً أنّ الحكومة لن ترضى بـ"أقلّ من النصر التام". أما بشأن سير العمليات العسكرية في غزة، فأعلن نتنياهو أنّه "أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي من أجل التحرك في محافظة رفح، ونقطتين في وسط قطاع غزة". وتأتي تصريحات نتنياهو فيما تتراكم الخسائر الإسرائيلية في القطاع، وسط إقرار إسرائيلي بصعوبة القضاء على حماس، وأنّ الحركة هي من "يحدّد إيقاع الحرب"، واعترافاً بضرورة التوصل إلى حل سياسي من أجل التمكّن من إخراج الأسرى الإسرائيليين، الذين تشكّل قضيتهم ضغطاً داخلياً متزايداً على حكومته.
"بلومبرغ": استمرار الحرب في غزة يوسّع الهوّة بين "إسرائيل" والعالم
ذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية أنّ "الانفصال يتزايد" بين الاحتلال الإسرائيلي وسائر دول العالم، على خلفية إنهاء الحرب على قطاع غزّة، والحديث عمّا يجب القيام به بعد ذلك في الأراضي الفلسطينية، مشيرةً إلى "ظهور الخلافات بين تل أبيب وواشنطن إلى العلن هذا الأسبوع". وأشارت الوكالة، في هذا السياق، إلى مهاجمة وزيرين من الحكومة الإسرائيلية للرئيس الأميركي، جو بايدن، علناً، وهما وزير "الأمن القومي"، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسليئيل سموتريتش، على الرغم من الدعم الأميركي الثابت للاحتلال في الجرائم التي يرتكبها في غزة. وتناولت "بلومبرغ" بعض ما أدلى به بن غفير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، والتي أعرب عبرها عن مخاوف من أنّ إدارة الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، "تُلحق ضرراً بالجهود الحربية لإسرائيل"، مؤكداً أنّ الرئيس السابق، دونالد ترامب، "يمنح يداً أكثر حريةً من أجل القضاء على حماس". أما سموتريتش فهاجم بايدن بسبب "فرضه عقوبات على عدد قليل من المستوطنين في الضفة الغربية"، واصفاً ذلك بأنّه "معادٍ للسامية". وفي حين شكر نتنياهو بايدن على دعم "إسرائيل" منذ الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإنّه رفض انتقاد وزارئه "المتشدّدين"، والذين "تشكّل أحزابهم جزءاً من الائتلاف الحاكم، ومفتاحاً لبقائه السياسي"، وفقاً لما أوردته "بلومبرغ".
وبعد ذلك، وتحديداً، عندما التقى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، رئيسَ حكومة الاحتلال ومسؤولين آخرين، اختلف الجانبان بصورة ملحوظة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع المقاومة في قطاع غزة وتبادل الأسرى، بحسب ما ذكرت الوكالة.
وفي هذا الإطار، أشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أنّ بلينكن قال إنّ ردّ حركة حماس على "اقتراح واسع يخلق مساحةً للتوصل إلى اتفاق نهائي، حتى لو كان لا يزال هناك الكثير من أجل التفاوض بشأنه"، بما في ذلك مدة وقف إطلاق النار، وعدد الأسرى الذين سيتم إخراجهم من غزة، وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم تحريرهم من السجون الإسرائيلية. في المقابل، قال نتنياهو إنّه سيكون من "الوهم" قبول شروط حماس، متعّهداً مواصلة القتال حتى "تدميرها"، كما أضافت الوكالة. ورأت "بلومبرغ" أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية "بعيدة كل البعد عن الانحياز إلى ما تريده الولايات المتحدة أو الدول العربية"، وهو "نهاية سريعة للحرب واتخاذ خطوات حازمة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة". وإزاء ذلك، خلصت الوكالة إلى أنّ الهوة بين "إسرائيل" من جهة، والولايات المتحدة والدول العربية من جهة أخرى، "تتّسع في الوقت الراهن". يُذكر أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تطفو فيها الخلافات الأميركية - الإسرائيلية إلى السطح، منذ بدء الحرب على قطاع غزة، إلا أنّ الخلافات الظاهرة بين الطرفين لم تؤدِّ إلى تقليص الدعم الأميركي المقدَّم إلى الاحتلال، عسكرياً وسياسياً وديبلوماسياً وإعلامياً، وهو دعم ثابت بصرف النظر عن هوية من في البيت الأبيض.
وفيما يتعلّق بالعقوبات، التي فرضها بايدن على مستوطنين في الضفة الغربية، فإنّ إدارته درست فرض عقوباتٍ على بن غفير وسموتريتش، لكنها قرّرت في النهاية إبقاءهما خارج القائمة، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.