الأزمات تتفاقم ومواجهة غير مسبوقة.. تحركات أمريكية لإحراج نتنياهو وسحب الثقة من حكومته وإزاحته عن رئاسة الحكومة
وسط غضب ورفض رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو المعلن منها، تشكل زيارة بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية نقطة فارقة في عمر الحكومة الإسرائيلية، في ظل الخلافات التي دبت بين أعضاء حكومة الحرب. نتنياهو الذي طالب سفارة بلاده بعدم تقديم أي دعم لغانتس في زيارته، يواجه تهديدًا حقيقيًا، بحسب الخبراء، يتمثل في تحول وجه الإدارة الأمريكية عن حكومته، وسعيها على ما يبدو لاستبداله الفترة المقبلة. وإن لم يكن هناك فارق بين نتنياهو وغانتس في مسألة الحقوق الفلسطينية، فإن الأخير أكثر مرونة تجاه السلطة الوطنية الفلسطينية، وتجاه الأسرى، فيما يشكل نتنياهو خطورة حقيقية على إدارة بايدن المقبل على الانتخابات.
ونفذت الولايات المتحدة الأمريكية عمليات إنزال جوي لإسقاط مساعدات لسكان قطاع غزة شملت مواد غذائية.
وذكرت ذلك القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، على "تويتر"، السبت، مشيرة إلى أن طائرة نقل أمريكية طراز "سي - 130" أسقطت نحو 38 ألف وجبة على سكان القطاع. ولفتت إلى أن العملية تمت بالتعاون مع القوات الجوية الأردنية، مشيرة إلى أن هناك خططا لاحقة لتوصيل المساعدات جوا ضمن جهود توصيل المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، التي تشمل زيادة تدفقها عبر ممرات وطرق برية.
نتنياهو يعرقل غانتس خارجياً وخلافات بشأن أداء "جيش" الاحتلال في غزة.. ما الذي يحدث؟
في إجراءٍ مماثل لما قام به في الولايات المتحدة، أصدر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تعليماتٍ لسفارة الاحتلال لدى بريطانيا، تقضي بعدم التعاون مع عضو "كابينت الحرب"، بيني غانتس، خلال زيارته المملكة المتحدة، وفقاً لما كشفته القناة الـ"12" الإسرائيلية. وأضافت القناة أنّ موظّفي السفارة الإسرائيلية في لندن تلقّوا تعليماتٍ تقضي بإرسال رسائل نصية بخصوص الاستفسارات التي ترد من مسؤولين بريطانيين بشأن غانتس. ويتوجّه غانتس إلى بريطانيا، بعد الانتهاء من زيارته واشنطن، والتي يجريها من دون موافقة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية داخل كيان الاحتلال. وخلال زيارته لندن، من المتوقع أن يلتقي الوزير الإسرائيلي، وهو المنافس الأبرز لنتنياهو، وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، في محاولة لمنع فرض حظر على الأسلحة المقدّمة إلى "إسرائيل". وبحسب ما أوردته القناة الـ"12" الإسرائيلية، يقوم مكتب غانتس بتنسيق هذه الزيارة من تلقاء نفسه، من دون أن يتلقى أي مساعدة على الإطلاق من السفارة الإسرائيلية، على نحو يتعارض مع الإجراءات المتّبعة عادةً. وكان سفير الاحتلال لدى الولايات المتحدة، مايكل هرتسوغ، طلب عدم المشاركة في الاجتماعات التي تضمّ غانتس ومسؤولين أميركيين، هم نائبة الرئيس، كامالا هاريس، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، وذلك في إثر تعليمات تلقّاها من مكتب رئيس الحكومة تقضي بعدم التعامل مع زيارة غانتس لواشنطن.
ووضعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إعطاء التعليمات لهرتسوغ بشأن تجاهل الزيارة، وعدّها غير رسمية، في إطار "انتقام" نتنياهو من غانتس، مؤكدةً أنّ نقاشاً حاداً دار بينهما، خاطب فيه نتنياهو غانتس بالقول إنّ "لدى إسرائيل رئيس حكومة واحداً فقط". ولدى سؤاله عن سبب عقد اللقاءات مع غانتس، على الرغم من ردود الفعل الرافضة في الحكومة الإسرائيلية، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إنّ غانتس "جزء من حكومة الحرب. ونحن نرى ذلك تطوراً طبيعياً للمناقشات مع مجلس الوزراء". وأكد كيربي أنّ الإدراة الأميركية "ستلتقي كل عضوٍ في هذه الحكومة، والذي سيقدّم إلينا إيجازاً عن التقدّم على الأرض، وعن إمكان إدخال المساعدات، ومناقشة المفاوضات من أجل عودة الأسرى"، مضيفاً: "لن نعيدهم كما جاءوا". ورداً على سؤال بشأن كيفية اللقاء مع غانتس، أكّد كيربي أنّ غانتس طلب الاجتماع بالمسؤولين الأميركيين. وفي كيان الاحتلال، حيث تتعمّق الخلافات بين القادة الإسرائيليين، وصف عضو "الكنيست"، سمحا روثمان، زيارة غانتس إلى واشنطن من دون التنسيق مع نتنياهو بـ"العار". أما عضو "الكنيست" ووزير "الجبهة الداخلية" الإسرائيلي فرأى أنّ نتنياهو أخطأ عندما أمر السفير في واشنطن بعدم التعاون مع زيارة غانتس، وأنّ غانتس أخطأ أيضاً عندما سافر إلى الولايات المتحدة من دون التنسيق مع نتنياهو.
مواجهة غير مسبوقة بين رئيس هيئة الأركان ووزراء
الأزمة المتعمّقة في كيان الاحتلال لم تقتصر على المستوى السياسي، بحيث امتدّت الخلافات لتشمل رئيس هيئة أركان "الجيش" الإسرائيلي، هرتسي هليفي، ووزراء في الحكومة، على خلفية أداء "الجيش" في غزة. وفي هذا الإطار، تحدّثت القناة الـ"12" الإسرائيلية عن مواجهة بين هليفي ووزراء، وصلت إلى حدّ الصراخ، خلال محادثاتٍ استشارية أُجريت مؤخراً. وبحسب يارون أفراهام، مراسل الشؤون السياسية في القناة، بقيت هذه المواجهات "غير المسبوقة" سراً، لأنّ "لا مصلحة لكثيرين في تسريب هذا الأمر". وفي تفاصيل هذه المواجهة، وجّه وزراء إسرائيليون انتقاداً لاذعاً إلى أداء "الجيش" في قطاع غزة، بحيث انتقد جزء منهم رئيس هيئة الأركان، وأك هؤلاء أنّ "المناورة (العملية البرية) العسكرية لم تكن جيدةً كفايةً، وأنّ التقدم كان بطيئاً، و أنّ إبقاء رفح حتى النهاية كان خطأً". بدوره، ذكّر هليفي الوزراء، بصوت عالٍ، بأنّهم "بصورة عامة لم يريدوا هذه المناورة. لو لم يضغط الجيش والمؤسسة الأمنية من أجل تحقيق ذلك، لَما كنا لنناور أبداً في غزة"، وفقاً لما أضافه المحلل الإسرائيلي. ووفقاً له، تُظهر هذه الأقوال الحادة الغضب المتبادل بين الأطراف المتعددة في "إسرائيل"، بحيث يرى رئيس هيئة الأركان وقادة المؤسسة العسكرية أنّ المستوى السياسي يحاول تحميلهم مسؤولية سلسلة عناصر على امتداد الحرب. في المقابل، يعتقد جزء من الوزراء أنّ الاختيارات التكتيكية لـ"الجيش" الإسرائيلي في هذه الحرب ليست جيدةً بما هو كافٍ. وأضاف أفراهام أنّ ثمة انتقادات أخرى تمنّع عن ذكرها من أجل "عدم المساس بأمن إسرائيل". أما مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ"12"، نير دفوري، فأكّد أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية "راضٍ عن أداء الجيش وعن وتيرة العمل. وفي حال فكّر في غير ذلك، لكان عليه أن يوضح هذا في النقاش"، مضيفاً أنّ قرار دخول رفح يعود إلى الحكومة، لا إلى رئيس هيئة الأركان.