أبرمت نحو 100 صفقة سلاح منذ 7 أكتوبر.. المساعدات الجوية مسرحية وغضب بايدن من إسرائيل لن يوقف حرب غزّة
أكّدت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، أنّ عملية إلقاء المساعدات فوق قطاع غزّة التي أجريت بالاشتراك مع الأردن لم تكن ترمز إلى قوّة أميركا، بل إلى إحباطها إزاء قُدرتها المحدودة على التأثير في حرب "إسرائيل" ضد قطاع غزّة. وزاد الرئيس بايدن من حدّة لهجته تجاه "إسرائيل" خلال الآونة الأخيرة، قائلاً إنّه لن يقبل "أيّ أعذار" للتأخير في زيادة الإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزّة. ويواجه بايدن ضغوطاً مُتزايدة، في الداخل والخارج، بسبب الخسائر المُروّعة التي خلّفتها الحرب على قطاع غزّة، وخاصّة النزوح الجماعي لسكان القطاع، وموت الآلاف من المدنيين، وانتشار الجوع والمرض. ووفق المجلة فإنّ بايدن يوضح استياءه من نتنياهو بطرقٍ أُخرى أيضاً، ففي الرابع والخامس من آذار/مارس الجاري، رحّبت إدارته ببيني غانتس، كرئيس وزراء بديل، ومنحته اجتماعاتٍ مع نائبة الرئيس ومستشار الأمن القومي وآخرين. وكان نتنياهو، الذي لم تطأ قدماه بعد البيت الأبيض في عهد بايدن، غاضباً جداً وحاول عرقلة مساعي غانتس في واشنطن ولندن.
استراتيجية بايدن
منذ بداية الحرب على قطاع غزّة، اتبع الرئيس بايدن 4 محاور، وهي: احتضان حق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها وتدمير حماس وقدراتها، ومنع انتشار الحرب، والسعي للحدّ من الأضرار التي تلحق بالمدنيين الفلسطينيين حفاظاً على صورة أميركا الإنسانية، إضافة إلى استئناف محادثات السلام لإقامة دولة فلسطينية. وتشير المجلة إلى إنّ بايدن قام بإرسال أسلحة إلى القوات المسلحة الإسرائيلية، كما أنّه نجح في تجنّب اندلاع حريق إقليمي بعد الحرب، ومع ذلك، ادّعى أنه يناضل لحماية الفلسطينيين العاديين من غضب "إسرائيل". ولفتت الصحيفة إلى أنّه "جرى إضعاف حماس، ولكنّها لم تُهزم، وهي تقاتل عبر شبكة من الأنفاق".
المساعدات الجوية مسرحية
بدورهم، يقول مسؤولون أميركيون إنّ عمليات الإنزال الجوي تُعدّ جزءاً من محاولة "إغراق المنطقة" بالمساعدات. وهي وسيلة غير فعّالة إلى حدٍ كبير، وتميل إلى أنّ تكلّف ثلاثة إلى أربعة أضعاف تكلفة جلب الغذاء عن طريق البر. وتُعدّ الرحلات الجوية المتفرقة، التي تُقدّم كل منها أكثر من 30 ألف وجبة، مسرحية أكثر من كونها جهداً جاداً للإغاثة الإنسانية. واستخدمت الولايات المتحدة الأميركية حقّ النقض (الفيتو) 3 مرّات ضد قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزّة. وقد دافعت عن "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. كما أشارت الصحيفة إلى أنّ "دعم بايدن لإسرائيل يحمل له تكلفةً في الداخل، حيث يواجه استياءً متزايداً".
المساعدات الجوية تكشف سخافة واشنطن
من ناحيته، دان عضو مجلس الشيوخ اليساري الذي رشح نفسه مرتين للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، بيرني ساندرز، انتهاك "إسرائيل" قانون المساعدات الخارجية الأميركي، الذي يحظر تقديم المساعدات لأيّ دولة تحظر أو تقيّد، بشكل مباشر أو غير مباشر، نقل أو تسليم المساعدات الأميركية. ونقلت المجلة عن مات دوس، من مركز السياسة الدولية، أنّ عملية الإسقاط الجوي تكشف السخافة الصارخة للسياسة الأميركية"، مضيفاً: "نحن نسقط الغذاء جواً على السكان الذين ندعم مجاعتهم بأذرعنا وأسلحتنا". وفي الوقت نفسه، يتهم الجمهوريون بايدن بتقييد أيدي "إسرائيل". وعلى الرغم من انزعاجه من نتنياهو، رفض بايدن استخدام النفوذ الأميركي بشكلٍ أكثر مباشرة، على طريقة رونالد ريغان، الذي منع تسليم الأسلحة إلى "إسرائيل" في الثمانينيات، أو جورج بوش الأب، الذي أوقف ضمانات القروض لـ"إسرائيل" في العام 1990. وختمت المجلة بقولها إنّ "الدبلوماسية المستقلة التي يقوم بها غانتس هي بمثابة تحذير من أنّ بايدن قد يضع إبهامه على ميزان السياسة الإسرائيلية غير المستقرة". وقالت فصائل فلسطينية إنّ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات تساهم في تقليص عمل وكالة "الأونروا"، وهي تكريس لمخططات الاحتلال بفصل وتقسيم القطاع، وتشديد الحصار على الشعب الفلسطيني. من ناحيتها، نقلت شبكة "أن بي سي" الأميركية، عن مسؤولين أميركيين، في وقتٍ سابق، أنّ الرئيس جو بايدن "يُحاول تكثيف ضغوطه على إسرائيل لإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزّة، والحد من شدة الهجمات العسكرية"، لكنّه "لم يصل إلى حد قطع شحنات الأسلحة إليها". وقبل أيام، ادّعى وزير "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، أنّ نقل المساعدات إلى قطاع غزّة يُعرّض جنودنا للخطر.
تقرير: سراً.. واشنطن أبرمت مع "إسرائيل" نحو 100 صفقة سلاح منذ 7 أكتوبر
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أنّ الولايات المتحدة وافقت سراً، وأبرمت أكثر من 100 عملية بيع عسكرية منفصلة مع "إسرائيل"، منذ بدء حرب غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وأوضحت الصحيفة أنّ هذا الرقم يعني "آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل ذات القطر الصغير والقنابل الخارقة للتحصينات والأسلحة الصغيرة وغيرها من المساعدات الفتاكة"، بحسب ما قال مسؤولون أميركيون لأعضاء الكونغرس في إحاطة سرية عقدت مؤخراً. والرقم الذي لم يتم الإبلاغ عنه من قبل، هو أحدث مؤشر على مشاركة واشنطن الواسعة في الصراع المستمر، منذ خمسة أشهر في قطاع غزة، وفق الصحيفة. وأكدت الصحيفة أنّه لم يتم الإعلان سوى عن اثنتين فقط، من المبيعات العسكرية الأجنبية المعتمدة لـ"إسرائيل" منذ بداية الصراع، وهي ذخيرة دبابات بقيمة 106 ملايين دولار، و147.5 مليون دولار من المكونات اللازمة لصنع قذائف عيار 155 ملم. ودعت هذه المبيعات إلى التدقيق العام، لأن إدارة بايدن، تجاوزت الكونغرس للموافقة على الحزم، من خلال اللجوء إلى سلطة الطوارئ. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف"، بتكليف من مركز البحوث الاقتصادية والسياسية "CEPR"، أنّ 52% من الأميركيين، يتفقون على أنّ الحكومة الأميركية يجب أن توقف شحنات الأسلحة إلى "إسرائيل"، حتى توقف هجماتها على قطاع غزة. وفي وقتٍ سابق، نقلت شبكة "أن بي سي" الأميركية، عن مسؤولين أميركيين، أنّ بايدن "يُحاول تكثيف ضغوطه على إسرائيل لإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، والحد من شدة الهجمات العسكرية"، لكنّه "لم يصل إلى حد قطع شحنات الأسلحة إليها".
ويقول العديد من الديمقراطيين في الكونغرس، والحكومات الأجنبية، إنّ الإدارة بحاجة إلى ممارسة المزيد من الضغوط على "إسرائيل"، كالتهديد بقطع المساعدات العسكرية أو سحب الدعم الدبلوماسي لها في الأمم المتحدة. يأتي ذلك في وقتٍ يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه وتضييق حصاره على قطاع غزة، في اليوم الثاني والخمسين بعد المئة لعدوانه، وذلك بدعم من الإدارة الأميركية التي تمدّه بالمساعدات والذخائر العسكرية، فيما تقوم بعمليات إنزال جوي للمساعدات للتعمية على جرائمه.