منذ وفاة مؤسس الكويت الشيخ مبارك الكبير، اقتصر منصبا الأمير وولي العهد، على فرعين فقط من أبنائه: جابر المبارك وسالم المبارك.

وقد كانت أسماء كثيرة مطروحة لولاية العهد، ذلك المنصب الذي ظل شاغرا منذ تسلم الأمير الحالي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم خلفاً لأخيه الشيخ نواف الأحمد الصباح، في 16 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، إلا أن اسم الشيخ صباح الخالد لم يكن بين تلك الأسماء، ما جعل تعيينه أمرا غير متوقع.

ويوصف الشيخ صباح الخالد المولود عام 1953، بأنه "ولي عهد خارج التوقعات"، من جهتين، الأولى أن تعيينه كسر قاعدة اقتصار الحكم وولاية العهد على فرعي جابر وسالم، إذ إنه أول ولي للعهد من خارج الفرعين، وهو الأول من ذرية حمد المبارك؛ والثانية أنّ العرف قد جرى في الكويت على أن يكون ولي العهد ابنًا لأمير سابق، وهو ما لا ينطبق على ولي العهد الجديد.

في الكويت، يعرف عن ولي العهد الجديد أنه رجل لا يتطلع إلى المناصب السياسية، أو الحظوة المجتمعية، بل كان يبتعد عن الأضواء فور انتهاء عمله، ولا يحاول أن يفرض نفسه على المشهد.

قد يكون اختيار شخصية من خارج فرعي سالم وجابر، تعبيرا عن رغبة لدى الأمير ألا يعطي ولاية العهد لمن يطمح لها وإنما للأفضل من الأكفاء، حتى لو كانوا من خارج إطار القواعد المعتادة، وفقا لما يقوله رئيس ومؤسس مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات في الكويت عبد العزيز العنجري.

ومع ذلك، لم يكن ولي العهد الجديد بعيدا عن عالم السياسة وأجواء الحكم في الكويت، حيث شغل منصب رئيس الوزراء عدة مرات خلال الفترة من 2019 حتى 2022، حين استقال على خلفية استجوابه من أعضاء مجلس الأمة، وخاض وقتها صراعا مريرا مع البرلمان، حيث خلفه الشيخ أحمد النواف الصباح الذي لم تعمر حكومته طويلا.

وعلى الرغم من ذلك "لا يبدي ولي العهد الجديد عداء لأحد ويتميز بطول البال وسعة الصدر وخلال فترة رئاسته للوزراء تحمل عداوات سياسية من أشخاص لم يمكنهم من مصالحهم الآنية"، وفقا للعنجري.

وهيمن العمل الدبلوماسي على شخصية ولي العهد البالغ 71 عاما، فبعدما تخرج في جامعة الكويت، ببكالوريوس العلوم السياسية عام 1977، عُيّن ملحقا دبلوماسيا في قسم الشؤون العربية بوزارة الخارجية عام 1978 حتى عام 1983، قبل أن يعمل ضمن بعثة الكويت في الأمم المتحدة بنيويورك بين عامي 1983 و1989.

وظل يتنقل بين الإدارات في وزارة الخارجية حتى عام 1995، ثم عمل سفيرا لبلاده لدى السعودية، ومندوباً عن بلاده لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، إلى عام 1998، وهو العام الذي صدر مرسوم بتعيين الشيخ صباح رئيساً لجهاز الأمن الوطني بدرجة وزير. ثم تولى الشيخ صباح بعد ذلك منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بين عامي 2006 و2007، ثم صار وزيرا للإعلام في عام 2008 حتى عام 2009.

وقبل أن يصبح رئيسا للوزراء في 2019، شغل الرجل منصب وزير الخارجية لمدة ثماني سنوات منذ عام 2011، وأضيفت إلى مسؤولياته، حقيبة شؤون مجلس الوزراء في عام 2012، ثُم عُين نائباً لرئيس مجلس وزراء الكويت في ذات العام.

وحول تأثير العمل الدبلوماسي على شخصيته يقول رئيس ومؤسس مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات في الكويت عبد العزيز العنجري:

"هو يعرف المنطقة جيدا.

وإقليميا تربطه علاقات وطيدة بقيادات المنطقة لاسيما في الدولة الشقيقة والصديقة المستقرة سياسيا، ومن المرجح أن تستعيد هذه العلاقات عافيتها ويستثمرها الاستثمار الصحيح".

وفي ديسمبر/كانون أول 2020، شكل الشيخ صباح الحكومة الثانية له، ثم شكل الحكومة الثالثة في من مارس/آذار عام 2021، وشكل الشيخ صباح حكومته الرابعة في ديسمبر/كانون أول 2021، وهي الوزارة الـ39 في تاريخ الكويت السياسي.

وحمل الخالد خلال مسيرته الدبلوماسية والحكومية، عدة أوسمة، بينها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى عام 1998، ووسام نجمة القدس من الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2018، ووسام النيلين من الطبقة الأولى السوداني.