تسليح إسرائيل يقلب بريطانيا رأساً على عقب.. الحكومة البريطانية الجديدة تواجه ضغوطاً لتغيير موقفها بشأن غزة
تواجه الدبلوماسية البريطانية تحت حكومة حزب العمال الجديدة، تحدياً كبيراً في تقديم موقف واضح حول التعامل مع ملف الحرب على قطاع غزّة، وذلك بعد أن تبيّن للحزب أن هذا الملف كلّفه الكثير من الأصوات، فعلى الرغم من فوزه في الانتخابات إلا أنه خسر عدداً من المقاعد لصالح مرشحين مستقلين مؤيدين لفلسطين المحتلة. وفي هذا الإطار، ذكرت مجلّة "تايم" الأميركية، أنّ حزب العمال البريطاني عندما تولى السلطة "تعهّد بإصلاح ما جلبته 14 عاماً من حكم المحافظين"، لافتةً إلى أنّه على الرغم من أن قدراً كبيراً من هذا العمل ركّز على القضايا الداخلية، فإنّه امتد أيضاً إلى مسائل السياسة الخارجية، وأبرزها "موقف بريطانيا من الحرب الإسرائيلية الجارية في غزّة". الحكومة البريطانية الجديدة لم تنتظر الكثير من الوقت لاتخاذ بعض الخطوات المغايرة عن سياسة سابقتها، لتذكّر المجلّة الأميركية بإعلان وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، والذي جاء بعد أسبوعين فقط من الانتخابات، بأنّ المملكة المتحدة ستعيد تمويلها وكالة "الأونروا"، كما أنّه بعد أسبوع واحد، أعلنت الحكومة أنّها ستتخلى عن خطط الحكومات السابقة لتحدّي حق المحكمة الجنائية الدولية في طلب مذكّرة اعتقال ضد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن لديه، يوآف غالانت.
"تسليح إسرائيل" يقلب بريطانيا رأساً على عقب
"تايم" أوضحت أنّ الناشطين المؤيدين للفلسطينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، رحّبوا بالخطوات التي اتخذتها الحكومة البريطانية الجديدة باعتبارها "تحوّلاً سياسياً ضرورياً"، ومع ذلك فإنّ التغيير الأكثر جوهرية الذي يبحثون عنه هو التغيير الذي لم تلتزم به الحكومة البريطانية بالكامل بعد، والمتمثل بـ "تعليق مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل". وأشارت إلى أنّ موقف بريطانيا من قضية بيع الأسلحة لـ "إسرائيل"، كان متوتراً إلى الحد الذي دفع أحد الدبلوماسيين في وزارة الخارجية إلى الاستقالة مؤخراً احتجاجاً على "التقاعس"، محذراً من أنّ "البلاد قد تكون متواطئة في جرائم حرب". وفي هذا الخصوص، قالت مجلّة "تايم" إنّه على الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها موظفون حكوميون بريطانيون مخاوف بشأن مسؤوليتهم المحتملة عن جرائم الحرب في غزّة، "إلا أنها تبدو أول استقالة عامة معروفة تحدث كنتيجة مباشرة لذلك". ورأت المجلّة الأميركية أنّ خطوة الاستقالة هذه تعكس المشاعر العامة الأوسع نطاقاً في المملكة المتحدة، حيث يؤيد نحو 58% من البريطانيين إنهاء مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل" طيلة فترة الحرب في غزة، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة يوجوف في تموز/يوليو، مقارنة بنحو 18% فقط يعارضون ذلك، بينما تؤيد نسبة أكبر من 78% وقف إطلاق النار الفوري.
"جرائم حربٍ بسلاح بريطاني"
إلى ذلك، تحدثت المجلّة أن الدعوات إلى المملكة المتحدة لوقف مبيعات الأسلحة إلى "إسرائيل" بلغت ذروتها في وقت سابق من هذا العام، بعد الكشف عن أن الحكومة البريطانية تلقّت نصيحة من محاميها تفيد بأن "إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي في غزّة"، لافتةً إلى أنّ "هذا الكشف من شأنه أن يجبر الحكومة البريطانية قانونياً على وقف المزيد من صادرات الأسلحة". ولفتت إلى أنّ لامي، حينما كان وزير الخارجية في حكومة الظل المعارضة آنذاك، حثّ المحافظين على نشر المشورة القانونية علناً، وهو ما رفضوه، إلا أنّه ومنذ دخوله الحكومة كوزير للخارجية، لم ينشر لامي المشورة القانونية بنفسه، واختار بدلاً من ذلك تكليف "مراجعة شاملة" لتقييم "ما إذا كانت جرائم الحرب الإسرائيلية قد ارتكبت في غزة"، إذا لا تزال هذه العملية جارية.