مساعدة ألمانية بقيمة 300 مليون يورو.. وزير الخارجية السوري في بروكسل وأحداث الساحل تلقي بظلالها على مؤتمر المانحين لسوريا

توجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بلجيكا لحضور مؤتمر بروكسل التاسع للمانحين الذي سيعقد بمشاركة العشرات من الوزراء الأوروبيين والعرب وممثلي المنظمات الدولية. ويستضيف الاتحاد الأوروبي المؤتمر في بروكسل منذ عام 2017، لكنه كان يعقد بدون مشاركة حكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد. وبحسب دبلوماسيين، فإن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 -التي سارعت بعد 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى دعم العملية الانتقالية في سوريا- تريد أن تعتبر ما جرى في ما تعرف بـ"أحداث الساحل" حادثا معزولا. وقد رحبت هذه الدول بتعيين لجنة تحقيق نصّبتها الحكومة السورية، قائلة إنه "يجب القيام بكل شيء منعا لحدوث جرائم كهذه مرة أخرى"، وفق ما جاء في بيان أصدرته. كما أن هذه الدول مستعدة لإعادة النظر في الرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا، والذي اتُفق عليه في نهاية فبراير/شباط الماضي إذا تكررت حوادث كهذه، وفقا لدبلوماسيين في بروكسل.
عقد الاتحاد الأوروبي في بروكسل مؤتمرا للمانحين حول سوريا، وشكل فرصة للأوروبيين لتعزيز التعبئة الدولية لدعم هذا البلد الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد. وللمرة الأولى، وحضر هذا المؤتمر التاسع للمانحين ممثلون عن الحكومة في دمشق. ومثل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بلاده في بروكسل، على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
وقبيل انطلاق فعاليات المؤتمر، تعهدت ألمانيا بمنح 300 مليون يورو إضافية لسوريا للتخفيف من العواقب الكارثية للحرب هناك. وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه ذلك خلال مؤتمر للمانحين في بروكسل. وبحسب البيانات، من المقرر استخدام الأموال في المقام الأول للمساعدات الإنسانية، وأيضا لدعم المجتمع المدني والنظام التعليمي، إلى جانب دعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في الأردن ولبنان والعراق وتركيا. وذكر مراسل العربية والحدث أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وقبيل انطلاق المؤتمر، أجرى لقاءات ثنائية مع عدد من الوزراء الأوروبيين. وتسلم ائتلاف بقيادة أحمد الشرع السلطة في 8 كانون الأول/ديسمبر إثر الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
لكن عملية الانتقال صعبة في بلد منقسم بين مجموعات دينية عدة. وارتُكِبت مجازر خلال الأسابيع الأخيرة في منطقة الساحل السوري في غرب البلاد، تُعَدّ أعنف أعمال عنف منذ وصول هذا الائتلاف بقيادة هيئة تحرير الشام إلى السلطة. وبحسب دبلوماسيين، فإن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 التي سارعت بعد 8 كانون الأول/ديسمبر إلى دعم العملية الانتقالية في سوريا، تريد أن تعتبر ما جرى حادثا معزولا. وقد رحبت بتعيين لجنة تحقيق، قائلة إنه "يجب القيام بكل شيء منعا لحدوث جرائم كهذه مرة أخرى"، وفق ما جاء في بيان. كما أن هذه الدول مستعدة لإعادة النظر في الرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا، والذي اتُفِق عليه في نهاية شباط/فبراير، إذا تكررت حوادث كهذه، وفقا لدبلوماسيين في بروكسل. وأعلنت فرنسا الأربعاء أنها ستُعارض أي رفع إضافي للعقوبات "إذا مرت هذه الانتهاكات بلا عقاب". وستحاول الدول الـ27 في بروكسل حشد مساعدة المجتمع الدولي لإعادة بناء هذا البلد. وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي "من المؤكد أن المؤتمر هذا العام سيكون مختلفا". وأضاف "هناك فرصة سانحة، لكنها ليست كبيرة بما يكفي، لذا يتعين علينا استغلالها، وإلا فسيكون الأوان قد فات". وفي ظل الاحتياجات الهائلة، قدرت الأمم المتحدة أنه، بالمعدل الحالي، سيستغرق الأمر سوريا نصف قرن على الأقل للعودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كانت عليه قبل الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011. ونجح مؤتمر المانحين العام الماضي في جمع نحو 7,5 مليارات يورو لسوريا. لكن الجهود المبذولة لتحقيق هذه النتيجة أصبحت معرضة للخطر هذا العام بسبب قرار الولايات المتحدة تعليق مساعداتها الدولية.
وكانت الولايات المتحدة تُعتبَر حتى الآن المانح الرئيسي للمساعدات الدولية لسوريا، بحسب الأمم المتحدة، وهي ستكون ممثلة في المؤتمر. وأوضح مسؤول أوروبي آخر أن "نظام المساعدات الإنسانية الشامل كان يعتمد بشكل عام على ركيزتين، الأولى مهمة جدا وتتكون من الولايات المتحدة، والثانية من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء". وأضاف أن "إحدى هاتين الركيزتين قد تقلصت (حاليا) إلى حد كبير، إن لم تكن قد ألغيت بالكامل، وهذا يعني انخفاضا في الأموال المتاحة للمساعدات الإنسانية في كل أنحاء العالم".
الوفاء بوعود الدول
وذكرت مصادر سورية أن التوقعات الرسمية من المؤتمر تنصبّ على الحصول على دعم لجهود الحكومة السورية لتوفير بيئة آمنة ومستقرة لعودة اللاجئين، والوفاء بوعود الدول المانحة بدعم البنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم والاتصالات. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن مؤتمر دعم مستقبل سوريا يحظى بأهمية كبيرة، خصوصا في ظل تقليص الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب برامج المساعدات الإنسانية والتنموية. كما نقلت الوكالة عن مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس قولها إن هذا وقت الاحتياجات والتحديات الملحة بالنسبة لسوريا كما اتضح بشكل مأساوي من موجة العنف الأخيرة في المناطق الساحلية. وأضافت كالاس أن هذا أيضا "وقت للأمل"، مستشهدة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في 10 مارس/آذار الجاري لدمج قوات سوريا الديمقراطية -التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، والتي تسيطر على جزء كبير من شمال شرقي سوريا- في مؤسسات الدولة الجديدة.
كما دعت كالاس، إلى المضي قدما في رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد نظام الأسد المخلوع، وقالت إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقدم المزيد من الدعم لسوريا وذلك بالتعاون مع الشركاء الإقليميين. وأسفر مؤتمر العام الماضي عن تعهدات بتقديم 7.5 مليارات يورو (8.1 مليارات دولار) في شكل منح وقروض، مع تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 2.12 مليار يورو في عامي 2024 و2025. ووفقا للاتحاد الأوروبي، يحتاج نحو 16.5 مليون شخص في سوريا إلى مساعدات إنسانية، منهم 12.9 مليونا يحتاجون إلى مساعدات غذائية.