حرب التجويع مستمرة والمستشفيات تدق ناقوس الخطر ودعوات إسرائيلية لاحتلال القطاع.. خطة للتخلي عن الأسرى والتضحية بالجنود الإسرائيليين

في اليوم الـ50 من استئناف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وفي ظل نذر المجاعة التي تخيم عليه مع استمرار منع دخول المساعدات، دقت مستشفيات القطاع ناقوس الخطر من ارتفاع عدد وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية. يأتي ذلك بينما واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي غاراتها على مناطق مختلفة من القطاع، وتزامن ذلك مع تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن قواته ستنفذ عملية عسكرية مكثفة في قطاع غزة وستبقى فيه. وفي حين حذر مسؤول الرهائن في الجيش الإسرائيلي من تعريض حياة المحتجزين في قطاع غزة للخطر، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن إسرائيل في طريقها لاحتلال قطاع غزة، وإنه حين يبدأ التوغل البري بغزة فلن تنسحب إسرائيل من المناطق التي تسيطر عليها، حتى لو كان ذلك مقابل "المختطفين". أما في الضفة الغربية، فبدأ جيش الاحتلال تنفيذ مخطط لهدم أكثر من 100 مبنى سكني في مخيمي طولكرم ونور شمس، وبدورها، حذرت وكالة الأونروا من أن الخطوة تعمق عمليات التهجير القسري بالضفة.
إعلام إسرائيلي: احتلال غزة تضحية بالأسرى وسنكون كالبط بميدان رماية
تناولت وسائل إعلام إسرائيلية قرار الحكومة توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة واحتلاله، وسط انتقادات حادة من عائلات الأسرى وقادة سياسيين وأمنيين اعتبروا أن القرار يعني التخلي عن الأسرى والتضحية بالجنود الإسرائيليين لضمان بقاء حكومة بنيامين نتنياهو. وكان المجلس السياسي الأمني الإسرائيلي وافق بالإجماع على توسيع العمليات العسكرية في غزة، واعتمد خطة احتلال للقطاع، حسب مسؤول في مكتب رئيس الحكومة، ووصفت هيئة عائلات المخطوفين هذا القرار بأنه "خطة التخلي عن المخطوفين".
وقال مراسل الشؤون السياسية في القناة 12 يارون أبرهام، إن نتنياهو يهدف إلى هزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو الأمر الذي لا يزال الجدل مستمرا بشأن إمكانية تحقيقه، وأكد أن هذا هو التوجه السياسي الحالي. وفي تصريحات مثيرة، أكد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن الاحتلال بات أمرا طبيعيا، وشدد على أن إسرائيل "ستحتل غزة وتطهرها وتحكم المناطق التي تدخلها".
خطة للتخلي عن الأسرى
بدورها، هاجمت هيئة عائلات المخطوفين القرار، ووصفت الخطة بأنها "خطة سموتريتش/نتنياهو للتخلي عن المخطوفين"، وأشارت إلى أن الحكومة تفضل الأراضي على حياة الأسرى خلافا لرغبة أكثر من 70% من الشعب الإسرائيلي.
ومن جهته، قال مراسل الشؤون العسكرية في القناة 14 هيلل بيتون روزين، إن توسيع العمليات يعني زيادة القوات والقوة، مع الإبقاء على المناطق المحتلة ومنع العودة إلى المناطق المدمرة. وكان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير حذر من احتمال خسارة الأسرى في إطار العملية البرية الموسعة، وهو موقف يدعمه رئيس جهاز الشاباك رونين بار، مما يعكس تعقيدات الموقف العسكري والأمني. وقد عبر المحلل السياسي رفيف دروكر عن شكوكه في جدوى توسيع القتال، وتساءل عن السيناريوهات المحتملة لهزيمة حماس بعد سنوات من القتال المكثف، وما إذا كان ذلك سيؤدي فعلا إلى استسلام مقاتليها حتى وإن قتل جميع قادتها.
هدف أكبر لحماس
ووصف رئيس شعبة العمليات في الجيش سابقا يسرائيل زيف توسيع العملية بأنه سيجعل إسرائيل هدفا أكبر لحماس التي تنتظر لحظة الاستقرار، وشبّه الجنود الإسرائيلين حينها بـ"البط في ميدان رماية". أما رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، فاعتبر أن نتنياهو عاجز عن الانتصار على حماس، وأن إعادة الأسرى شرط أساسي لأي انتصار، واعتبر أن ما يجري هو الأخطر منذ بداية الحرب. وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت في ختام جلستها الأسبوعية أنه لن تُشكّل لجنة تحقيق رسمي في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في ظل توسيع القتال وعدم وجود مجال للتحقيقات، وهو ما يعكس توجه الحكومة نحو التركيز على العمليات العسكرية.
حماس: لا معنى للمفاوضات في ظل حرب التجويع
أكد قيادي كبير في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن "لا معنى" لأي مفاوضات لوقف النار في ظل "حرب التجويع" الإسرائيلية في قطاع غزة، مطالبا المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف "جريمة التجويع". وقال عضو المكتب السياسي في حماس باسم نعيم "لا معنى لأي مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، ولا معنى للتعامل مع أي مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار، في ظل حرب التجويع وحرب الإبادة التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة". وأضاف أن "المجتمع الدولي مطالب بالضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف جريمة التجويع والتعطيش والقتل في غزة". وأردف نعيم أن "المجتمع الدولي، وفي مقدمته المؤسسات الأممية، اعتبر سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل جريمة حرب"، مشددا على أنه "يجب العمل لإدخال المساعدات فورا إلى قطاع غزة في ظل المجاعة التي تتوسع". وحضت 3 وكالات تابعة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إسرائيل على إنهاء حظر المساعدات الإنسانية الذي يعرض سكان قطاع غزة للمجاعة. وأدان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني منع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار، مؤكدا أنه يسبب "مجاعة من صنع الإنسان ذات دوافع سياسية".
زيارة ترامب
وكان المبعوث الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف قد عبر في وقت سابق عن أمله في أن يكون هناك تقدم في الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة "قبل أو أثناء زيارة الرئيس دونالد ترامب" للمنطقة.
ونقل مراسل أكسيوس عن ويتكوف -في تصريحات للصحفيين خلال فعالية بمناسبة "يوم الاستقلال" في السفارة الإسرائيلية بواشنطن- قوله إنه يتحدث مع قطر ومصر وإسرائيل كل يوم تقريبا ويأمل تحقيق تقدم. كما شدد على أهمية استعادة الأسرى، مؤكدا على ضرورة أن تقوم حركة حماس بنزع سلاحها. من جانبه، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إلى الذهاب لصفقة تبادل في غزة، مشيرا إلى أن الضغط العسكري أسفر حتى الآن عن مقتل أسرى أكثر ممن أعادهم. كما نقلت صحيفة معاريف عن لبيد قوله إن "حكومة نتنياهو لا تستطيع إدارة أي شيء وبالتالي لن تكون قادرة على إدارة غزة". وتأتي هذه المواقف بشأن المفاوضات، في وقت خرجت فيه مظاهرات بمشاركة أهالي الأسرى، للتنديد بقرار توسيع العمليات العسكرية في غزة وتحميل نتنياهو مسؤولية مصير أبنائهم. ورفع المتظاهرون شعارات ورددوا هتافات رافضة لتوسيع العملية العسكرية، محذرين من أن ذلك يعرض حياة الأسرى للخطر. كما جددوا مطالبتهم بعقد صفقة تُمكن من عودة الأسرى من قطاع غزة وإنهاء الحرب.