سيريا ستار تايمز

ليسوا جادين بشأن محادثات السلام... تصعيد كلامي بين كييف وموسكو قبيل مفاوضات مباشرة في إسطنبول


قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسي إنّه لا يزال "مستعدا" لإجراء "محادثات مباشرة" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، معربا عن أسفه لأنّ روسيا لا تأخذ المفاوضات "على محمل الجد" بإرسالها وفدا بقيادة مستشار رئاسي. وفي مؤتمر صحافي بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قال زيلينسكي "أنا هنا، نحن مستعدّون لإجراء مفاوضات مباشرة"، مضيفا "للأسف، (الروس) لا يأخذون المفاوضات على محمل الجد بما فيه الكفاية"، في إشارة إلى تشكيلة الوفد الذي أرسلته موسكو.
وقال إن كييف سترسل وفدا إلى إسطنبول برئاسة وزير الدفاع رستم أوميروف لحضور محادثات مع فريق روسي. وأكد زيلينسكي، الذي دعا إلى وقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يوما مع روسيا، في مؤتمر صحفي في أنقرة أنه لن يذهب إلى إسطنبول لحضور المحادثات بعد أن قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدم الحضور، وأرسل بدلا من ذلك ما وصفه الزعيم الأوكراني بفريق منخفض المستوى. وكان زيلينسكي وصف عند وصوله إلى أنقرة تشكيلة الوفد الروسي من مساعدي بوتين ونواب الوزراء بأنها مجرد "صورة". وقال إن أوكرانيا ستقرر خطوتها التالية بعد اجتماعه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأضاف "نحن بحاجة إلى فهم مستوى الوفد الروسي والتفويض الذي يتمتع به وما إذا كان قادرا على اتخاذ أي قرارات". وذكرت روسيا أن فريقها موجود في إسطنبول ومستعد للعمل الجاد، واتهمت أوكرانيا "بمحاولة عمل استعراض" حول المفاوضات. وعندما سُئل عما إذا كان بوتين سينضم إلى المحادثات في وقت لاحق، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف "من السابق لأوانه الآن معرفة نوع المشاركة المطلوبة وعلى أي مستوى ستكون... الوفد الروسي جاهز، وينتظر في إسطنبول". وسادت حالة من الارتباك في إسطنبول حيث تجمع نحو 200 صحفي بالقرب من قصر دولمة بهجة على مضيق البوسفور، وهو المكان الذي حدده الروس لحضور المحادثات. وكان زيلينسكي استفز بوتين في وقت سابق من هذا الأسبوع بالتشكيك في شجاعته للحضور. ويقول الكرملين إن بوتين، الذي يواجه تهديدا بعقوبات أوروبية جديدة صارمة "لخنق" الاقتصاد الروسي، لا ترهبه الإنذارات النهائية. وعقدت آخر محادثات مباشرة بين الجانبين في إسطنبول أيضا في مارس آذار 2022، بعد أسابيع فقط من إرسال بوتين القوات الروسية لغزو أوكرانيا. وبعد ممارسة ضغوط شديدة على أوكرانيا ومشادة كلامية مع زيلينسكي في اجتماع بالمكتب البيضاوي في فبراير، أبدى ترامب استياءه بشكل متزايد تجاه موقف بوتين في الأسابيع القليلة الماضية وهدد بفرض عقوبات إضافية على التجارة الروسية. وقال الرئيس الأميركي اليوم إنه سيتوجه إلى المحادثات في تركيا إذا كان ذلك "مناسبا". وأضاف "آمل فقط أن تتمكن روسيا وأوكرانيا من فعل شيء ما. يجب أن يتوقف هذا".

كما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الرئيس الأوكراني بـ"المثير للشفقة" لتوقعه حضور بوتين للقائه

تصاعدت الحرب الكلامية، بين روسيا وأوكرانيا قبيل مباحثات سلام مرتقبة بينهما في إسطنبول، إذ اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الوفد الذي أرسلته موسكو "صوري"، فردت عليه الأخيرة بوصفه بـ"المهرّج" والزعيم "المثير للشفقة". وفي حين شدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على أن لا شيء سيحصل على صعيد التوصل إلى تسوية للحرب قبل أن يلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أكدت تركيا وجود ما يكفي من الأسباب لـ"الأمل" بشأن مباحثات السلام الأولى المباشرة بين الطرفين منذ ربيع 2022. وما زالت ترتيبات هذا اللقاء غير واضحة، في حين يواصل الجيش الروسي السيطرة على مزيد من الأراضي الأوكرانية، التي تبقى مهمّة على صغرها.

وقال ترامب للصحافيين أثناء توجهه من قطر إلى الإمارات "لا أعتقد أن أي شيء سيحدث، أعجبكم الأمر أم لا، حتى نلتقي أنا وهو"، أي بوتين. وكان الرئيس الروسي دعا بنفسه إلى إجراء مباحثات مباشرة مع كييف في إسطنبول في 15 أيار/مايو. وبينما دعاه زيلينسكي إلى الحضور "شخصيا"، أرسلت موسكو وفدا برئاسة المستشار الرئاسي فلاديمير ميدينسكي، ومعه نائب وزير الخارجية ونائب وزير الدفاع. وميدينسكي المولود في أوكرانيا في عهد الاتحاد السوفيتي ووزير الثقافة سابقا، معروف بنزعته القومية المتشدّدة وله مؤلفات بشأن التاريخ الروسي شكّك في دقّتها الكثير من المؤرّخين بسبب تحريفها الوقائع. وسبق له أن شارك في أول جولة مفاوضات مباشرة بين الطرفين في ربيع العام 2022 التي لم تفض إلى نتيجة، وذلك بعيد اندلاع الحرب في شباط/فبراير من العام ذاته. وفي 2023، أعلن ميدينسكي أن أوكرانيا "جزء من الأرض الروسية".

وبادر زيلينسكي فور وصوله إلى أنقرة إلى انتقاد تشكيلة الوفد الروسي المفاوض، واصفا إيّاه بـ"الصوري" ومشكّكا في قدرته على "اتّخاذ قرارات". وهو قال إنه سيفكّر بالخطوات المقبلة بعد لقائه الرئيس التركي في أنقرة. وسرعان ما ردّت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على زيلينسكي بالقول "من يستخدم توصيف "صوري": "مهرج.. فاشل.. شخص بلا أي عِلم". كما وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرور الرئيس الأوكراني بـ"المثير للشفقة" لتوقعه حضور بوتين للقائه.

شكوك
وأثارت هذه الانتقادات اللفظية اللاذعة شكوكا قبيل لقاء يفترض أن يطلق عجلة مسار دبلوماسي للتوصّل إلى تسوية للغزو الروسي لأوكرانيا الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين وألحق دمارا واسعا. ووصل الوفد الروسي إلى إسطنبول. وأكد الكرملين أن بوتين لا يعتزم السفر إلى المدينة التركية. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف "كلا، لا خطط كهذه في الوقت الراهن"، ممتنعا عن الإجابة على سؤال لوكالة فرانس برس عن سبب رفض بوتين الذهاب وما إذا سيقوم بذلك في حال عقدت جولة تفاوض أخرى. وكانت زاخاروفا أشارت إلى أن المحادثات "أرجئت إلى النصف الثاني من اليوم" بطلب من تركيا.
وفي أنقرة، قال زيلينسكي إن الوفد الأوكراني هو "على أعلى المستويات" ويضمّ خصوصا ممثّلين عن وزارة الخارجية والجيش والاستخبارات.

ترقّب
ومنذ ساعات الصباح الأولى، ينتظر مئات الصحافيين أمام قصر دولما بهجة على ضفاف البوسفور حيث من المفترض أن يعقد اللقاء، وحيث أقيمت حواجز أمنية، بحسب مراسلي فرانس برس. وكان بوتين دعا إلى هذه المباحثات في نهاية الأسبوع الماضي، بعدما وجّهت إليه كييف وحلفاؤها الأوروبيون إنذارا بقبول وقف لإطلاق النار كشرط مسبق لأيّ مفاوضات، محذرين من عقوبات إضافية على موسكو بالتنسيق مع واشنطن. وكان ترامب الذي يدفع منذ أشهر البلدين للتفاوض، تحدث عن "احتمال" توجهه إلى تركيا "الجمعة" في حال إحراز تقدّم في المفاوضات. وشدّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من جهته على أن ترامب "منفتح" على "أيّ آلية" من شأنها أن تعيد السلام إلى المنطقة. وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أنه "تفاديا للوقوع مرّة أخرى في الفخاخ" التي أدّت إلى فشل المفاوضات الأولى في 2022، يجب تحقيق "وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار". وأكّد فلاديمير ميدينسكي أن روسيا تسعى إلى "سلام طويل الأمد". وقال مسؤول أوكراني لفرانس برس إن المباحثات لا تزال ممكنة، مشيرا إلى أن احتمال عقدها "واقعي". وأوضح أنه إذا قرر زيلينسكي ذلك "فسيكون الوفد حاضرا". وأشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى وجود "ما يكفي من الأسباب للأمل" في نجاح محادثات السلام. غير أن البلدين ما زالا متمسّكين بمطالب يصعب التوفيق بينها. فروسيا تتمسّك بمطالبة أوكرانيا عدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتصر على الاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي ضمتها، فيما تعتبر كييف مدعومة من حلفائها، هذه الشروط غير مقبولة. في المقابل، تريد أوكرانيا "ضمانات أمنية" غربية متينة لتجنب أي هجوم روسي جديد وأن ينسحب الجيش الروسي الذي يسيطر على حوالي 20% من مساحة البلاد، كليا من أراضيها.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,