في اليوم الـ59 من استئناف العدوان على غزة، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازر بعدة مناطق من خان يونس جنوبا إلى جباليا شمالا، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني. واتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصعيد العدوان ضد المدنيين الأبرياء لتقويض جهود الوسطاء للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وصفقة تبادل. في غضون ذلك، تتواصل في الدوحة المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. إنسانيا، تتواتر الانتقادات الدولية لإسرائيل لاستخدامها الغذاء سلاحا في الحرب ومنعها منذ أسابيع دخول المساعدات إلى القطاع المحاصر.
أكد المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في تصريحات لمجلة "ذي أتلانتيك" The Atlantic، أن أي حل طويل الأمد في قطاع غزة يجب أن يتضمن نزع سلاح حركة حماس بالكامل.
ورأى يتكوف أن استمرار وجود حماس المسلحة في غزة غير مقبول، مشددا على ضرورة نزع سلاحها كجزء أساسي من أي اتفاق سلام مستدام. وفي هذا الصدد، أشار ويتكوف في تصريحاته إلى أن الرأي العام في إسرائيل منقسم بشأن ضرورة إطلاق سراح المحتجزين في غزة، وهناك انقسام حاد بشأن التوصل إلى تسوية تفاوضية لهذه المسألة. إلى ذلك، وتأكيدا لما ذكرته مصادر، قال المتحدّث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ، في تصريحات خاصه من العاصمة السعودية الرياض، قال إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضع المصالح الأميركية قبل مصلحة إسرائيل أو أيّ دولة أخرى، وأنّه يريد إنهاء الحرب في غزّة بأسرع وقت.
من جهته، جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون عوائق.
وشدد الأمين العام، في اجتماع في برلين مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، على دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين في غزة، والوقف الفوري للأعمال التي وصفها بـ"العدائية"، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يفتح الباب أمام إطلاق مسار سياسي لا رجعة فيه يقود إلى حل الدولتين. وبشأن غزّة، طالب الأمين العام للأمم المتّحدة بإتاحة وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق، والوقف الفوري للأعمال العدائية، وفتح مسار لا رجعة فيه نحو حلّ الدولتين.
ومنذ الثاني من مارس (آذار) واستئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة، لم يُسمح بدخول أيّ مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر حيث يعيش 2.4 مليون شخص. وتقول إسرائيل إنّ حصارها لغزة يهدف لإجبار حماس على إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتتّهم إسرائيل حركة حماس بنهب المساعدات، وهي تقترح تاليا توزيعها في مراكز يسيطر عليها جيشها، وهو اقتراح انتقدته بشدّة الأمم المتّحدة ومنظمات إغاثية. وحذّرت منظمات غير حكومية من حدوث "مجاعة جماعية" في غزة في حال واصلت إسرائيل منع المساعدات الغذائية من دخول القطاع.
نتنياهو يجري مشاورات أمنية وحماس تتهمه بالسعي إلى حرب بلا نهاية
قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سيجري مشاورات أمنية، بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار المتواصلة في الدوحة، في حين اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نتنياهو بعدم الاكتراث لمصير أسراه ويسعى إلى حرب بلا نهاية. وأضافت هيئة البث، أن نتنياهو سيجري مناقشات مع قادة المؤسسة الأمنية في ظل المفاوضات الجارية في الدوحة وإمكانية توسيع العمليات في غزة. وتأتي هذه المناقشات بعد أن أوفد نتنياهو وفدا إلى الدوحة، وسط تقارير عن ضغوط أميركية على حكومته للتوصل إلى صفقة تبادل. وفي السياق، نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير، أن إسرايل لن تنهي الحرب إذا لم تلب جميع مطالبها. وتحدثت القناة عن "ساعات حاسمة" في المفاوضات، وقالت إن واشنطن طرحت عدة تصورات محتملة للصفقة، منها اتفاق جزئي لا يتضمن إنهاء الحرب في مرحلة أولى. وحتى الآن ترفض الحكومة الإسرائيلية إنهاء الحرب ضمن أي اتفاق محتمل، بل إنها هددت مرارا بشن هجمات أوسع نطاقا على غزة إذا لم تسفر المحادثات الجارية عن اتفاق. وكانت تل أبيب قد انقلبت على اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير/كانون الثاني الماضي، إذ استأنفت الحرب على غزة في 18 مارس/آذار الماضي.
وانطلقت الجولة الجديدة من مفاوضات الدوحة بمشاركة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووفد إسرائيلي، في حين تشارك حركة حماس فيها بشكل غير مباشر.
محادثات الدوحة
وكانت مصادر أفادت، أن مسؤولين قطريين والمبعوث الأميركي التقوا وفد التفاوض الإسرائيلي أمس في اجتماع دام ساعتين. كما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن الوفد الإسرائيلي يواصل محادثاته في قطر برفقة ستيف ويتكوف وآدم بولر مبعوثي الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط وشؤون الرهائن تباعا. وأضافت الصحيفة -نقلا عن مصادر- أن ويتكوف يحاول إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بتوسيع صلاحيات الوفد الإسرائيلي في الدوحة. كما أشارت إلى أن المبعوث الأميركي يدرس مقترحات إضافية للإفراج عن المحتجزين المتبقين في غزة على دفعات بهدف دفع الأطراف إلى وقف القتال. وقالت يديعوت أحرونوت، إن إسرائيل تصر على أنه لن تكون هناك نهاية للحرب دون عودة جميع المحتجزين واستسلام حماس ونزع سلاحها وترحيل قادتها. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنه لا يزال هناك 58 محتجزا في غزة، 24 منهم يعتقد أنهم أحياء. وكان المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف زار أول أمس الثلاثاء تل أبيب مرفوقا بزميله آدم بولر والتقى عائلات الأسرى الإسرائيليين، وحث نتنياهو على انتهاز الفرصة عقب الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر.
حرب بلا نهاية
في غضون ذلك، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم، إن الاحتلال يواجه جهود الوسطاء بالتصعيد العسكري. وأضافت الحركة -في بيان عبر قناتها في تطبيق تليغرام- إن نتنياهو لا يكترث لمصير أسراه ويريد حربا بلا نهاية. وتابعت، إن إسرائيل تقابل مساعي الوسطاء لاستعادة المسار التفاوضي بالضغط العسكري على المدنيين الأبرياء بالقصف الجماعي وفرض المزيد من المعاناة على الشعب الفلسطيني في محاولة يائسة لفرض شروطها.
وأوضح البيان، أن إصرار الاحتلال على التفاوض دون وقف العدوان وتجاهل مساعي الوسطاء يكشفان أنه يرى التهدئة مجرد أداة لشراء الوقت واستئناف الحرب. وشددت حركة حماس على أن المفاوضات يجب أن تفضي إلى وقف العدوان، وإنهاء الحرب كاملا، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى. وكانت حماس عبرت -بعيد إطلاقها سراح الأسير الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر الاثنين الماضي- عن استعدادها للشروع فورا في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بشكل مستدام، وانسحاب جيش الاحتلال، وإنهاء الحصار، وتبادل الأسرى، وإعادة إعمار قطاع غزة. وسبق أن رفضت إسرائيل عرضا من حماس بإطلاق المحتجزين دفعة واحدة مقابل وقف الحرب، وقال مسؤولوها، إن المفاوضات ستكون "تحت النار".