سيريا ستار تايمز

إسرائيل تكثف عمليات الإبادة وحملة اعتقالات بالضفة.. دعوات في القمة العربية لوقف الحرب على غزة ودعم الاستقرار بسوريا


في اليوم الـ61 من استئناف العدوان على غزة، استمر الاحتلال في ارتكاب مجازره بالقطاع، فيما فقدت المستشفيات أكثر من 60% من الأدوية، ونحو 80% من المستلزمات الطبية. وفي حين حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان من تطهير عرقي يمارسه الاحتلال في غزة، طالب قادة 7 دول أوروبية إسرائيل بضمان توزيع المساعدات دون عوائق، مشيرين إلى أنه لا يمكن الصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تحدث. على الصعيد العسكري أكد ضباط إسرائيليون كبار أنه لا يوجد أي إنجاز عسكري إضافي يمكن تحقيقه في غزة، وحذروا من أن عدم التوصل لاتفاق سيعزل إسرائيل دوليا. وفي الضفة الغربية، واصل الاحتلال اقتحاماته بلدات عدة وشن حملة اعتقالات، كما أُصيب شرطي إسرائيلي بجروح متوسطة في عملية طعن قرب باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى، وسط تقارير عن استشهاد منفذ العملية.

استشهد نحو 60 فلسطينيا منذ منتصف الليل وأصيب أكثر من 130 آخرين، وذلك مع بدء الاحتلال الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم تكثيف حملة الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق الفلسطينيين في إطار الاستعدادات لتوسيع العمليات وتحقيق "سيطرة عملياتية" بمناطق قطاع غزة. وقال مدير المستشفى الإندونيسي في شمال غزة مروان السلطان "منذ الـ12 منتصف الليل استقبلنا 58 شهيدا و133 إصابة، الوضع صعب، الوضع معقد". وأضاف أن هناك عددا كبيرا من الأشخاص تحت الركام، مشددا على أن "الوضع كارثي". وأفادت مصادر طبية باستشهاد 31 فلسطينيا منذ صباح اليوم في القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع. من ناحيتها، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن مستشفيات القطاع استقبلت 153 شهيدا و459 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرة إلى أن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم. وذكرت السلطات الصحية في غزة أن أكثر من 300 فلسطيني استشهدوا في غارات إسرائيلية على القطاع منذ أول أمس الخميس، في واحدة من أعنف مراحل القصف منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي. وأفاد مراسلنا باستشهاد 3 أشخاص وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على منزل بمنطقة تل الزعتر شمالي قطاع غزة، ونُقلت جثامين الشهداء والمصابين إلى المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا شمالي القطاع.

كما أفاد مراسلنا في غزة بإصابة عدد من الفلسطينيين في قصف إسرائيلي على محيط برج الأندلس شمال غربي مدينة غزة، ونُقل المصابون إلى قسم الاستقبال والطوارئ بمجمع الشفاء الطبي، في حين وصف أطباء حالة أحدهم بالخطيرة. وقال المراسل إن فلسطينيين اثنين استشهدا وأصيب 4 آخرون في قصف شنته مسيّرات إسرائيلية على منطقة معن شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، كما استشهد 6 وأصيب آخرون في قصف آخر على بلدة بني سهيلا شرقي المدينة، ونقل الشهداء والمصابون إلى مستشفى ناصر بخان يونس. وأفادت مصادر فلسطينية كذلك بإصابة 3 فلسطينيين في قصف خيمة قرب أبراج طيبة في المنطقة المصنفة "إنسانية" غربي مدينة خان يونس، كما شنت طائرات الاحتلال غارات على بلدة القرارة شمال شرقي المدينة. وفي دير البلح وسط قطاع غزة، أفاد مراسلنا بإصابة عدد من الفلسطينيين في غارة جوية إسرائيلية على خيمة تؤوي نازحين في محيط مستشفى شهداء الأقصى.

توسع الإبادة الجماعية بغزة
ويتزامن ارتفاع عدد الشهداء والمصابين في القطاع مع بدء الاحتلال الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية في قطاع غزة ضمن ما سماها حملة "عربات غدعون". وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه بدأ خلال الساعات الأخيرة شن ضربات واسعة، ونقل قوات للاستيلاء على مناطق يسيطر عليها داخل قطاع غزة. وذكر البيان أن توسيع المعركة في القطاع يهدف إلى تحقيق كافة أهداف الحرب، بما فيها تحرير المحتجزين وتفكيك حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، على حد زعمه. وتهدف عملية "عربات غدعون" إلى احتلال كامل غزة، وفق ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلية الرسمية في 5 مايو/أيار الجاري. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد ذكرت أن توسيع العمليات سيحدث بعد انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد بشأن غزة بحلول ذلك الوقت.

وقد أنهى ترامب جولته التي استمرت أياما عدة إلى منطقة الخليج، ولم يظهر في الأفق أي اتفاق جديد. ومطلع مايو/أيار الجاري أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) خطة عملية عربات غدعون، حيث شرعت الحكومة الإسرائيلية لاحقا في الإعداد للعملية من خلال استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.

وتسمى العملية بالعبرية "ميركافوت غدعون" وتعني "عربات غدعون" التي تحمل دلالات دينية وتاريخية وعسكرية، حيث أطلقت إسرائيل على إحدى عملياتها في نكبة 1948 اسم "عملية غدعون" التي هدفت إلى السيطرة على منطقة بيسان الفلسطينية وطرد سكانها. وإطلاق اسم "عربات غدعون" على عملية توسيع الحرب في غزة يشير إلى طابع الاحتلال المزمع تنفيذه في القطاع ضمن الخطة الإسرائيلية. ووفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، فإن هذه العملية التي من المرجح أن تستمر بضعة أشهر تتضمن "الإجلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال -بما في ذلك شمال غزة- إلى مناطق في جنوب القطاع"، حيث "سيبقى الجيش في أي منطقة يحتلها". وخلال جولة ترامب -التي استمرت 3 أيام وغادر من الإمارات في يومها الرابع- قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 378 فلسطينيا، في حصيلة تعادل نحو 4 أضعاف عدد الضحايا في الأيام الأربعة السابقة للجولة، والتي بلغت قرابة 100 شهيد، وفق رصد مراسل الأناضول لبيانات وزارة الصحة في غزة. وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 173 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وشهدت الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الـ34 التي انطلقت  في بغداد دعوات لوقف الحرب على غزة ودعم الاستقرار في سوريا وإنهاء الصراع في السودان وليبيا. ويشارك في الاجتماعات عدد من القادة العرب، بينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورؤساء منظمات إقليمية ودولية، بينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وتعقد القمة تحت شعار "حوار وتضامن وتنمية"، وسط أجواء سياسية مشحونة وتحديات إقليمية متصاعدة، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتحول في سوريا، وتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، واستمرار الحرب في السودان. وقالت وكالة الأنباء العراقية إنه ستعقد جلسة للقمة العربية العادية، تليها جلسة رئيسية ثانية للقمة العربية التنموية الخامسة. وأشار عدد من القادة المشاركين إلى التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة العربية، وضرورة العمل المشترك لتجاوزها.

غزة وسوريا وملفات أخرى
وفي افتتاح القمة دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى عمل عربي جاد لإنقاذ غزة، مؤكدا أن الإبادة الجماعية في القطاع بلغت مرحلة بشعة لم يشهدها التاريخ. وأكد السوداني -الذي تسلمت بلاده رئاسة القمة العربية- مواقف بلاده الداعمة لوحدة سوريا والرافضة للاعتداء على أراضيها، مبديا ترحيبه بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عنها، كما شدد السوداني على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وحقن دماء شعبه. من جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الشعب الفلسطيني يتعرض لجرائم ممنهجة تهدف إلى إنهاء وجوده في غزة، وحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الضغط لوقف إطلاق النار، قائلا إن مصر تعتزم تنظيم مؤتمر دولي لإعمار القطاع فور توقف العدوان. ودعا السيسي إلى استثمار رفع العقوبات الأميركية لتحقيق مصالح الشعب السوري، كما دعا إلى وقف إطلاق النار في السودان، وإلى مسار حل في ليبيا يفضي لانتخابات حرة. وفي كلمته بافتتاح القمة قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن عمليات القتل والتهجير الإسرائيلية جزء من مشروع لتقويض حل الدولتين، داعيا إلى عقد مؤتمر دولي في القاهرة لتمويل وتنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة. ودعا عباس إلى تخلي حركة حماس عن سيطرتها على غزة وتسليمها وجميع الفصائل السلاح إلى السلطة. أما رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان فقال إن بلاده تريد إيقاف الحرب في غزة والسماح بإدخال المساعدات. وفي مداخلات أخرى بقمة بغداد، قال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إن القضية الفلسطينية تشهد تصفية وسط فرض الاحتلال رؤيته العبثية للسلام، بينما دعا وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى تأمين وصول المساعدات الإغاثية إلى الشعب الفلسطيني في غزة. من جانبه، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن سوريا تعود اليوم إلى حضنها العربي، وأشاد بالخطوات العربية لرفع العقوبات عن بلاده وكسر عزلتها، مؤكدا أن سوريا الجديدة لجميع أبنائها ولا مكان فيها للعزل والتمييز، كما أنها لا تعادي أحدا بل تفتح أياديها للجميع.

واتهم الشيباني أطرافا خارجية بدعم تشكيلات انفصالية ومشاريع طائفية تسعى لتقويض مؤسسات الدولة. من جهته، قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إن بلاده تعمل على تنفيذ القرار الدولي 1701 تنفيذا كاملا، ودعا إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من جميع الأراضي اللبنانية، منددا بسياستها القائمة على القتل والتهجير، خاصة في غزة. وفي الملف السوداني، قال عضو مجلس السيادة السوداني إبراهيم جابر إن وقف إطلاق النار في السودان يجب أن يكون مصحوبا بانسحاب قوات الدعم السريع من كل المناطق، ودعا لحوار سوداني سوداني يؤسس للوصول إلى الانتخابات.

مشروع قرار إسباني
وفي مداخلته بالقمة، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى مضاعفة الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على غزة، مشيرا إلى مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني جراء تلك الهجمات. وقال سانشيز إن بلاده تعد مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب إسرائيل بوقف هجماتها والسماح بإدخال المساعدات إلى غزة. وفي السياق، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف الحرب على غزة، معبرا عن رفضه التهجير القسري لسكانها. وأضاف غوتيريش أن سيادة سوريا واستقلالها ووحدها أراضيها عناصر مهمة جدا، ويجب دعم العملية السياسية في هذا البلد، ودعا إلى وقف الصراع في السودان والعنف بين الجماعات المسلحة في ليبيا.

"إعلان بغداد" وأفاد مراسلنا نقلا عن مصادر عراقية- بأن القمة العربية ستصدر "إعلان بغداد" متضمنا البنود التي توافق عليها القادة المجتمعون.

وقال مراسلنا إن الإعلان سيدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وفتح جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية، كما سيؤكد على مركزية القضية الفلسطينية. وأضاف أن القمة العربية ستؤكد على وحدة الأراضي السورية ودعم الشعب السوري. وكان وزراء الخارجية العرب قد أقروا بنود جدول أعمال القمة وإعلان بغداد قبل رفعه للقادة، كما صدّقوا على 5 مبادرات تقدم بها العراق. وتعد هذه القمة الرابعة التي تستضيفها بغداد، وقد أتمت السلطات في البلاد استعداداتها اللوجستية والأمنية والإعلامية لهذه القمة.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,