سيريا ستار تايمز

طهران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم.. أميركا تقترح خطة مؤقتة تسمح لإيران بـ بعض التخصيب


اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي أن المقترح الأميركي للتوصل إلى اتفاق مع طهران بشأن ملفها النووي يتعارض والمصالح الوطنية الإيرانية، مؤكدا أن طهران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم. وفي خطاب بالذكرى 36 لرحيل مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني، قال خامنئي إن المقترح الذي قدمه الأميركيون "يعاكس ويعارض تماما مقولة إننا قادرون"، مشددا على أن طهران لا تنتظر "الضوء الأخضر" الأميركي لاتخاذ قراراتها. وأعلن أن إيران قادرة على إنتاج الوقود النووي اليوم، وأضاف أن التقنية والبرنامج النووي لا يمكن أن يقوما من دون عملية تخصيب اليورانيوم. واتهم خامنئي الولايات المتحدة بمحاولة تفكيك برنامج إيران النووي، موضحا أن طهران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم. وقال إن الولايات المتحدة لن تستطيع إضعاف برنامج إيران النووي، وإن عليها أن تسحب قواتها من المنطقة. وتظل قضية تخصيب اليورانيوم نقطة خلاف في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. وأوضح خامنئي أن تخصيب اليورانيوم يظل أمرا أساسيا في البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.

مقترح غامض
في سياق متصل، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤولين إيرانيين وأوروبيين أن مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الجديد الذي قُدم إلى إيران "غامضٌ" فيما يتعلق بالقضايا الأكثر أهمية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أن إدارة الرئيس دونالد ترامب اقترحت ترتيبا يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، وقالت إن ذلك يتم بموازاة عمل الولايات المتحدة ودول أخرى على خطة أكثر تفصيلا تهدف إلى منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي، مع السماح لها بالحصول على وقود لمحطات الطاقة النووية الجديدة في البلاد. وأوضح هؤلاء المسؤولون أنه بموجب الاقتراح ستسهل واشنطن بناء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة في إيران وأنها تتفاوض على إقامة منشآت تخصيب يديرها اتحاد من دول المنطقة. وأضافوا أن إيران سيتعين عليها إيقاف كل أنشطة التخصيب داخل البلاد بمجرد أن تبدأ في تلقي فوائد من تلك الوعود. ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول إيراني قوله إن رد بلاده على المقترح الأميركي سيأتي خلال أيام. كما نقلت عن مسؤولين إيرانيين كبار مشاركين في المفاوضات أن تصريح ترامب الأسبوع الماضي بأنه بموجب الاتفاقية يمكنه أخذ ما يريد وتفجير ما يريد "هو مجرد خيال"، وفق تعبيرهم. وصرح دبلوماسي إيراني لرويترز بأن طهران تتجه لرفض المقترح الأميركي لإنهاء الخلاف النووي المستمر منذ عقود، ووصفه بأنه "غير قابل للتنفيذ" ولا يتضمن أي تخفيف في موقف واشنطن من تخصيب اليورانيوم ولا يراعي مصالح طهران.

جولة مرتقبة
في سياق متصل، نقل موقع أكسيوس عن مصادر أن جولة سادسة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران قد تعقد بنهاية هذا الأسبوع بالشرق الأوسط. كذلك نقل الموقع الأميركي عن مسؤولين إيرانيين قولهم "نرغب في مزيد من الوضوح بشأن موعد رفع العقوبات والكيفية بموجب مقترح واشنطن". وأجرت طهران وواشنطن 5 جولات من المباحثات بوساطة عمانية منذ أبريل/نيسان الماضي، مع تأكيد الجانبين إحراز تقدم، رغم تباين معلن بينهما بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم.

وتقول طهران إنها تريد الاحتفاظ بتكنولوجيا نووية للأغراض السلمية، وترفض دوما اتهامات القوى الغربية لها بالسعي لتطوير أسلحة نووية.

واقترحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مخططًا يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، ريثما يتم التوصل إلى خطة أكثر تفصيلا مع دول أخرى من شأنها أن تمنع طهران من امتلاك سلاح نووي. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين إيرانيين وأوروبيين- أنه بموجب هذا المقترح ستساعد الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية للطاقة في إيران، كما ستتفاوض بشأن إنشاء منشآت للتخصيب تُدار من قبل اتحاد يضم دولًا إقليمية. وبمجرد أن تبدأ إيران بالحصول على فوائد من هذه الترتيبات، سيتعين عليها التوقف عن أي تخصيب داخل أراضيها. ويعد هذا الاقتراح أول مؤشر ملموس منذ تولي الرئيس ترامب منصبه، على أن الولايات المتحدة وإيران قد تكونان قادرتين على إيجاد طريق للتسوية. وتقول "نيويورك تايمز" إن هذا الاقتراح يمثل جسرًا بين الوضع الحالي -حيث تنتج إيران بسرعة يورانيوم قريبا من درجة الاستخدام في الأسلحة- وبين الهدف الأميركي المتمثل في منع إيران من تخصيب أي يورانيوم على أراضيها. وقد جدد ترامب أمس تأكيده أنّه لن يُسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بموجب أي اتفاق محتمل مع الولايات المتحدة.

لا رضوخ للضغوط
وفي طهران، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن طهران لن ترضخ للضغوط الأميركية لتفكيك برنامجها النووي.

وأضاف بزشكيان في خطاب متلفز اليوم "الأميركيون يقولون إنه يجب عليكم تفكيك كل ما لديكم، لكن لا يوجد إنسان حر يقبل بالظلم والاضطهاد". ومن جهته، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم أن الاقتراح الأميركي للتوصل لاتفاق جديد حول البرنامج النووي والذي سلمه الوسيط العماني "يتضمن نقاطا ملتبسة". وقال عراقجي خلال زيارة إلى لبنان إن "الاقتراح المكتوب الذي تسلمناه من الولايات المتحدة يتضمن العديد من النقاط الملتبسة والأسئلة. ثمة مسائل عدة في هذا الاقتراح غير واضحة". وشدد الوزير الإيراني على أن "مواصلة التخصيب على الأراضي الإيرانية خط أحمر بالنسبة إلينا" مشيرا إلى أنّ بلاده ستسلّم ردّها على المقترح الأميركي في الأيام المقبلة، استنادا إلى "مواقف إيران المبدئية ومصالح الشعب الإيراني". وأضاف "لن نطلب الإذن من أحد من أجل مواصلة تخصيب اليورانيوم في إيران. ومع ذلك، نحن مستعدّون لاتخاذ خطوات لضمان ألا يؤدي التخصيب إلى إنتاج أسلحة نووية". والسبت الماضي، أعلنت إيران أنها تسلّمت "عناصر" اقتراح أميركي لاتفاق نووي، في أعقاب 5 جولات من المفاوضات، بدأت أولاها في أبريل/نيسان بوساطة عمانية. ولا تزال مسألة تخصيب اليورانيوم نقطة خلاف رئيسية بين واشنطن وطهران، إذ تؤكد الأخيرة حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية، الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة. وجاءت تصريحات عراقجي أثناء زيارته إلى بيروت بعد القاهرة حيث التقى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي. ودعا غروسي أمس إلى مزيد من الشفافية من جانب إيران، في أعقاب تقرير مسرّب يُظهر أنّ طهران زادت إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب. وقد أظهر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران زادت إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، مقتربة أكثر من نسبة 90% تقريبا التي يحتاج إليها تطوير أسلحة ذرية.

أولويات ومخاوف
وبدأت تتضح ملامح العرض الأميركي لإيران في مفاوضاتهما النووية الحاسمة، لكن إمكانية التوصل إلى اتفاق قريب يكتنفها الغموض.
ويرى المراقبون أن التوصل إلى اتفاق هو إحدى الأولويات الدبلوماسية العديدة التي يُناور فيها ترامب وصديقه المُقرّب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. ويعتقد هؤلاء أن الاتفاق يتيح للولايات المتحدة رفع بعض عقوباتها الاقتصادية القاسية على إيران، مقابل الحد بشكل جذري من تخصيب اليورانيوم أو إيقافه. لكن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يُفاقم التوترات بمنطقة الشرق الأوسط، وقد يدخل الاقتصاد الإيراني -الذي يُعاني منذ فترة طويلة- في حالة انهيار مُتسارع، مما قد يُفاقم الاضطرابات المُتصاعدة في الداخل. وقد تُنفّذ إسرائيل أو الولايات المتحدة غارات جوية، لطالما هددت بها، تستهدف منشآت نووية إيرانية. وقد تُقرر طهران إنهاء تعاونها الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتُسارع نحو امتلاك قنبلة نووية. وهذا يجعل تجميع أجزاء العرض الأميركي أكثر أهمية، إذ يُقيّم الإيرانيون ردهم بعد 5 جولات من المفاوضات في مسقط وروما. وقد سمح الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 -مع القوى العالمية، والذي تم التفاوض عليه بعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما آنذاك- لطهران بتخصيب اليورانيوم إلى نسبة 3.67%. وتعد نسبة التخصيب تلك كافية لتشغيل محطة طاقة نووية، ولكنها أقل بكثير من عتبة 90% اللازمة لليورانيوم الصالح للاستخدام في الأسلحة. وتخصب إيران الآن ما يصل إلى 60%، وهي خطوة فنية قصيرة بعيدا عن مستويات إنتاج أسلحة نووية. وقد صرح المسؤولون الأميركيون بمن فيهم ترامب مرارًا أنه سيتعين على طهران التخلي عن التخصيب بالكامل.

استمرار الضغط
ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك، من المستبعد عقد جولة جديدة من المحادثات قبل الأسبوع المقبل على أقرب تقدير، ولكن الضغط مستمر. ويرى مراقبون غربيون أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب "قد يسمح لها بتصنيع أسلحة نووية متعددة، إذا ما اختارت السعي لامتلاك القنبلة".

ويرجح هؤلاء أن تسعى الدول الغربية إلى توجيه انتقادات لإيران بمجلس محافظي الوكالة الذرية، مما قد يدفعها نهاية المطاف إلى تفعيل ما يُسمى "إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة" على طهران. وتنتهي -في أكتوبر/تشرين الأول- صلاحية إعادة فرض هذه العقوبات بناءً على شكوى أي عضو بالاتفاق النووي الأصلي لعام 2015.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,