السلطة منحت ضباطا سابقين الأمان انتقادات وغضب شعبي يطالب بالمحاسبة.. فادي صقر نافياً تورطه بمجزرة التضامن

قال فادي صقر، القائد السابق لميليشيا الدفاع الوطني في دمشق، إنه مستعد للمثول أمام القضاء السوري في حال توفر أدلة تدينه بارتكاب جرائم حرب خلال فترة قتاله إلى جانب النظام المخلوع. وأكد صقر في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز أنه لم يحصل على أي عفو من الحكومة السورية الجديدة، زاعما أن وزارة الداخلية أبلغته منذ البداية أنه في حال وجود أدلة ضده، لما كان يعمل معها حتى اليوم. وأضاف صقر أن خلفيته كقيادي في ميليشيا موالية للنظام المخلوع تمنحه مصداقية في إقناع أنصار النظام السابق بعدم التخلي عن الحكومة السورية الجديدة، معتبراً أن "اسمه يمثل اختباراً لإمكانية التعايش بين طرفي الصراع في سوريا".
وتأتي تصريحات صقر وسط جدل واسع أثارته مشاركته في لجنة السلام المدني التي شكلتها الحكومة السورية الجديدة بهدف تهدئة التوترات الداخلية بعد سنوات من الحرب. واتهم ناشطون ومعارضون اللجنة بالتستر على متهمين بارتكاب جرائم حرب والسماح لهم بالإفلات من المحاسبة، مؤكدين أن صقر يتحمل مسؤولية مباشرة عن مجزرة التضامن في دمشق عام 2013، إضافة إلى دوره في حصار أحياء المعارضة خلال سنوات الحرب.
وينفي صقر مسؤوليته عن مجزرة التضامن، موضحاً أنه تسلم قيادة ميليشيا الدفاع الوطني في دمشق بعد وقوع المجزرة. لكن عائلات الضحايا ومنظمات حقوق الإنسان تطالب بمحاسبة جميع المتورطين في الجرائم التي ارتكبها النظام وأجهزته الأمنية وميليشياته المسلحة. وتواجه الإدارة السورية الجديدة ضغوطاً متزايدة من الشارع المطالب بتحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة جميع المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، في وقت تحذر فيه منظمات حقوقية من عودة سياسة الإفلات من العقاب تحت ذريعة المصالحة الوطنية.
من بنيهم صقر.. السلطة منحت ضباطا سابقين "الأمان"
تصريحات صقر المتورط بجرائم حرب في سوريا والموجود على قائمة العقوبات الأميركية، جاءت عقب مؤتمر صحفي عقده عضو اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي، حسن صوفان، في وزارة الإعلام بدمشق، تناول فيه أبرز التطورات المرتبطة بعمل اللجنة والقرارات الأخيرة المتعلقة بالإفراج عن عدد من الضباط في جيش النظام المخلوع. وأكد صوفان أن الضباط المفرج عنهم هم "ضباط عاملون" منذ عام 2021، وقد سلّموا أنفسهم طوعاً على الحدود العراقية وفي منطقة السخنة، وذلك ضمن ما يُعرف بحالة "الاستئمان". وهو مانفاه صقر لصحيفة نيويورك تايمز. وبيّن أن الموقوفين ومن بينهم فادي صقر، خضعوا لتحقيقات قانونية لم تثبت بحقهم أي تهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب، مشدداً على أن استمرار احتجازهم لا يحقق مصلحة وطنية، ولا يستند إلى أي مشروعية قانونية. وأوضح أن الإفراج عنهم لا يُعد بديلاً عن مسار العدالة الانتقالية، والذي بدأ بالفعل عبر اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية المشكّلة بموجب مرسوم رئاسي. وأشار إلى أن شخصيات مثل فادي صقر تلعب دوراً في تفكيك العقد، وحل المشكلات، ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد، مضيفاً: "نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا مضطرون لاتخاذ قرارات تؤمّن استقراراً نسبياً في هذه المرحلة".
انتقادات وغضب شعبي يطالب بالمحاسبة
انتقدت منظمة "ملفات قيصر من أجل العدالة" ما وصفته بمحاولات إعادة تأهيل متورطين في جرائم حرب ومنحهم أدواراً اجتماعية من قبل الإدارة السورية الجديدة. جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمة، الأربعاء، تعليقاً على ما جرى تداوله بشأن المؤتمر الإعلامي الذي عقد في دمشق الثلاثاء، بمشاركة عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا. وأكدت المنظمة أن العدالة الشاملة تشكل أساس الاستقرار، ولا يمكن تحقيق سلم حقيقي من دون محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الشعب السوري خلال حكم بشار الأسد.
ووصفت المنظمة التصريحات التي تربط الاستقرار والسلم الأهلي بتأجيل العدالة بـ"المغالطة المفاهيمية الخطيرة"، مشيرة إلى أن تغليب الاستقرار على المحاسبة يعيد إنتاج العنف ويهدد فرص السلام الدائم. وأثارت تصريحات صوفان غضبا شعبيا وخاصة من قبل ذوي الضحايا، مطالبين بمحاسبة جميع من تلوثت أيديهم بدماء السوريين، ومحاكمتهم أمام القضاء.