
في اليوم الـ92 لاستئناف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة واليوم الـ619 منذ بدء الحرب على القطاع الفلسطيني في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتكب جيش الاحتلال مجزرة جديدة بحق الساعين للحصول على مساعدات. وأفادت مصادر في مستشفيات غزة باستشهاد 74 فلسطينيا بنيران الاحتلال منذ فجر اليوم، بينهم 56 من منتظري المساعدات. وقد أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المجزرة، واعتبرت أن نقاط توزيع المساعدات تستخدم سلاحا للقتل والإذلال والتجويع ضمن آلية مرفوضة إنسانيا وأخلاقيا. وشهدت من سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي العنيف أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات الفلسطينيين، أغلبيتهم من النازحين والمدنيين. وكانت مصادر في القطاع أعلنت استشهاد 51 فلسطينيا منذ فجر أمس، بينهم 36 من منتظري المساعدات، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف الساعين للحصول على مساعدات غذائية في مواقع عدة داخل القطاع المنكوب، في ظل تفاقم المجاعة جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وأعلنت وزارة الصحة في القطاع أمس ارتفاع حصيلة ضحايا طالبي المساعدات منذ 27 مايو/أيار الماضي إلى 338 شهيدا و2831 مصابا.
نددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في خان يونس جنوبي قطاع غزة بحق منتظري المساعدات وراح ضحيتها 56 شهيدا حتى اللحظة، في حين أكدت منظمة الصحة العالمية وقوع المجزرة. وقالت حماس في بيان إن نقاط توزيع المساعدات التي يشرف عليها الاحتلال بغطاء أميركي تحولت إلى "مصائد موت جماعي"، في ظل استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين يوميا في محاولتهم للحصول على المساعدات. ودعت الحركة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى فرض آلية أممية آمنة ومستقلة لتوزيع المساعدات، كما طالبت الدول العربية والإسلامية بمواقف حازمة لوقف المجازر ورفع الحصار. وحثت حماس المحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيق عاجل ومحاسبة قادة الاحتلال على هذه الجرائم المتواصلة.
تأكيد الصحة العالمية
وكان مسؤولون في منظمة الصحة العالمية قالوا إنهم تلقوا تقارير عن وقوع "حادث جماعي" بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات الغذائية في غزة، موضحين أن التقارير الأولية تشير إلى مقتل 20 شخصا على الأقل. وقال مسؤول الطوارئ في المنظمة ثانوس جارجافانيس "هذا الحادث نتيجة مبادرة أخرى لتوزيع المساعدات الغذائية"، دون أن يدلي بتفاصيل أخرى أو يوضح من المسؤول عن قتل منتظري المساعدات. وأضاف "هناك ارتباط وثيق بين مواقع توزيع المساعدات الغذائية الأربعة المعلن عنها وحوادث الإصابات الجماعية"، مشيرا إلى أن معظم الإصابات الخطيرة في الأيام القليلة الماضية نجمت عن طلقات نارية. وفي وقت سابق اليوم، قالت وزارة الصحة بغزة إن عشرات الفلسطينيين استشهدوا وأصيب أكثر من 200 جراء مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المنتظرين للمساعدات على دوار التحلية في خان يونس. ولفتت الوزارة إلى أن عشرات من المصابين الذين وصلوا مستشفى ناصر في مدينة خان يونس حالاتهم خطيرة جدا.
وأول أمس ، قالت الوزارة إن 20 فلسطينيا استشهدوا وأصيب أكثر من 200 -بينهم 50 بحالة خطيرة جدا- جراء إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على مئات الفلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية جنوب ووسط القطاع.
"مزيد من العدوان"
وفي السياق، قال المحلل السياسي والكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم إن قطاع غزة يعيش حالة شعور بالوحدة غير مسبوقة تفوق ما مر به خلال أشهر الحرب الماضية. وأضاف أن جيش الاحتلال يتوحش بالقتل -ولا سيما أمام مراكز المساعدات- "خاصة أن العالم منشغل بتصاعد الصراع العسكري الإسرائيلي الإيراني". وقال إن إسرائيل تمعن في سياسة تجويع الفلسطينيين بغزة "في ظل انشغال العالم وعدم تقديمه شيئا سوى الإدانات الشفهية".
إعلام إسرائيلي يزعم حدوث "تقدم كبير" بمفاوضات غزة
ادعت وسائل إعلام إسرائيلية حدوث تقدم كبير في جهود التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر إقليمية -لم تسمها- قولها إن ثمة تقدما كبيرا جدا نحو صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وادعى أحد هذه المصادر أن الجانبين أصبحا مرنين، لكنهما خائفان من عواقب المواجهة في إيران، مشيرا إلى أن الوفد الإسرائيلي (المفاوض) لم يغادر بعد إلى الدوحة خوفا من أن يؤدي ذلك إلى إبطاء الاتصالات بدلا من تسريعها. ووفق الصحيفة، أخبر مسؤولون أميركيون -لم تسمهم- عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة أن ثمة علامات إيجابية للغاية على حدوث اختراق. وزعمت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار في الساعات الـ24 الماضية إلى أنه حدد نافذة تسمح بإحراز تقدم. واستدركت "لكن مصدرا -وهو ليس إسرائيليا- قال إن الأمور أوسع بكثير، ونحن نتحدث في الواقع عن نهاية الحرب، وتتعلق الرسائل التي يتم نقلها بما سيحدث في غزة، وليس فقط بالمرحلة الأولى التي ستشمل بين 8 و10 مختطفين (أسرى) أحياء". وتقدّر إسرائيل وجود 54 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، في حين يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، مما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
مفاوضات وتطورات
وأشارت الصحيفة إلى أنه في وقت سابق من هذا الأسبوع أفادت التقارير بأنه وفي خضم الحرب مع إيران تحدثت مصادر في الولايات المتحدة ودول الخليج عن تطورات إيجابية في المفاوضات الهادئة بين إسرائيل وحركة حماس بشأن صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وفجر يوم الجمعة الماضي أطلقت إسرائيل بدعم أميركي هجوما واسعا على إيران بقصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، مما خلف إجمالا 224 قتيلا و1277 جريحا، وفق التلفزيون الإيراني.
ومساء اليوم ذاته، بدأت إيران الرد بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، وخلفت نحو 24 قتيلا ومئات المصابين، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة، وفق وزارة الصحة الإسرائيلية وإعلام عبري. وقالت الصحيفة إن مسؤولين عربا وغيرهم أبلغوا عائلات الأسرى في غزة أن وفد تفاوض إسرائيليا قد يغادر قريبا إلى العاصمة القطرية الدوحة من أجل المضي قدما في المحادثات ومحاولة التوصل إلى انفراج. وأضافت أنه إلى جانب المؤشرات الخارجية قال نتنياهو أول أمس الأحد إنه أعطى تعليمات للمضي قدما في المفاوضات.
وعود وخيبات
لكن الصحيفة نقلت عن عائلات الأسرى الإسرائيليين قولها في بيان ردا على نتنياهو إن العائلات تتعرض لخيبات من الوعود والتصريحات التي لا تدعمها أفعال ونتائج. وأضافت أن كل تصريح من هذا القبيل يثير عاصفة من المشاعر ويجهد الأعصاب المتوترة بالفعل، لم يتبق للأحياء (الأسرى) وقت، ويمكن أن يختفي القتلى إلى الأبد. وتابعت العائلات إننا ندعو رئيس الوزراء إلى إثبات أنك جاد، أعلن اليوم عن إيفاد وفد تفاوضي إلى الدوحة بتفويض لإعادتهم جميعا، هذا وقت تاريخي، وبدون عودة الرهائن لن يكون هناك انتصار إسرائيلي، جزئيا أو كاملا. ولم يتوفر على الفور تعليق من حماس أو إسرائيل والوسطاء على ادعاءات الصحيفة الإسرائيلية. والأسبوع الماضي، ادعى نتنياهو حدوث تقدم ملحوظ بمفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس دون الكشف عن طبيعته، لكنه قال إنه يفضل عدم إعطاء أمل.
مرحلة وبنود
ومطلع مارس/آذار الماضي انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/كانون الثاني بوساطة مصرية قطرية وإشراف أميركي. وبينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى تنصل نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية لارتكابه جرائم حرب من بدء مرحلته الثانية، وأصر على إعادة احتلال قطاع غزة استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم، وفق إعلام إسرائيلي. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 185 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.