حدث أمني معقّد وانذار بإخلاء 16 منطقة بقطاع غزة.. وإسرائيل تقدم خريطة ثالثة لانتشار قواتها

في اليوم الـ648 من حرب الإبادة على غزة، استشهد النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني فرج الغول في قصف إسرائيلي استهدف منزله بمدينة غزة فجر اليوم الثلاثاء، وأفاد مراسلنا بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي شن سلسلة غارات على مناطق عدة بالقطاع مما أدى لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين. من جانب آخر، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية مقتل 3 جنود وإصابة آخر بجروح خطيرة خلال ما اعتادت مؤخرا على تسميته بأنه "حدث أمني" معقّد (شرق قطاع غزة) وسط أنباء عن محاولة فصائل المقاومة الفلسطينية أسر أحد الجنود خلال الاشتباكات الدائرة في المنطقة. وعلى صعيد المفاوضات، نقلت وكالة رويترز عن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تفاؤله بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. ومن جانبها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن وفدها بحث مع وفد من الجهاد الإسلامي تطورات المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار، وناقشا ردود إسرائيل على المقترحات التي قدمها الوسطاء وسبل التعامل معها. وكانت القناة الـ12 الإسرائيلية نقلت عن مصادر قولها إنه من المتوقع أن تقدم إسرائيل خرائط جديدة تتعلق بنطاق انسحاب الجيش من قطاع غزة، بما في ذلك السيطرة على محور موراغ. وفي الضفة الغربية، واصلت قوات الاحتلال حملة الاقتحامات لبلدات ومناطق عدة، في ظل تزايد وتيرة الاستيطان واعتداءات المستوطنين على مساكن الفلسطينيين وأراضيهم بحماية من جيش الاحتلال ودعم من حكومته.
إخلاء 16 منطقة في غزة
جدد الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إنذاره للفلسطينيين بالإخلاء الفوري في أحياء بمحافظتي غزة والشمال، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية منذ أكثر من 21 شهرا ومخططات التهجير القسري. وأنذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان، الفلسطينيين بإخلاء مناطق كان قد وجه إليها أمرا بالإخلاء مرات متكررة خلال يونيو/ حزيران الماضي. وتضم مناطق مدينة غزة التي ذكرها الجيش في البيان أحياء الزيتون الشرقي والبلدة القديمة والتركمان والجديدة والدرج والصبرة والتفاح. في حين تضم مناطق محافظة الشمال، وفق ما جاء في البيان: جباليا البلد وجباليا النزلة ومعسكر جباليا وأحياء الروضة والنهضة والزهور والنور والسلام وتل الزعتر. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة بدعم أميركي، أكثر من 197 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. وطلب المتحدث من الفلسطينيين مغادرة تلك المناطق والتوجه إلى منطقة "المواصي" الممتدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من جنوب دير البلح (وسط) حتى ما قبل شمال خان يونس (جنوب). ويصنف الجيش الإسرائيلي منطقة "المواصي" منطقة "إنسانية آمنة"، لكنه يرتكب فيها مجازر بقصف خيام النازحين، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات من النازحين إليها. وأشار جيش الاحتلال في بيانه إلى أنه يعمل في تلك المناطق "بقوة متزايدة لتدمير العدو والمنظمات المعادية، في حين يمتد القتال غربا نحو وسط المدينة". ومنذ انهيار وقف إطلاق النار بقرار أحادي من الحكومة الإسرائيلية في 18 مارس/ آذار الماضي، أصدر الجيش عشرات الإنذارات المشابهة في عموم قطاع غزة.
54 أمرا بالإخلاء
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير نشره الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي أصدر منذ 18 مارس/آذار نحو 54 أمرا بالإخلاء، في حين أخضع نحو 297 كيلومترا مربعا أو ما نسبته 81% من قطاع غزة لأوامر الإخلاء. وأضاف "مع انعدام وجود الأماكن الآمنة، لجأ الكثير من السكان إلى مواقع مكتظة لالتماس المأوى فيها وإلى مراكز الإيواء المؤقتة والبنايات المتضررة والشوارع والمناطق المفتوحة، وبات الناس محصورين في أماكن تتضاءل باستمرار". وتابع "حتى التاسع من يوليو/ تموز، كان 86% من أراضي قطاع غزة تقع داخل مناطق عسكرية إسرائيلية أو تخضع لأوامر النزوح، التي يتداخل بعضها في بعض إلى حد كبير منذ 18 مارس/آذار".
حماس تطالب بانسحاب إسرائيل للمواقع التي كانت فيها قبل انهيار وقف إطلاق النار الأخير في مارس الماضي
قدمت إسرائيل "خريطة ثالثة" لانتشار قواتها في قطاع غزة طوال فترة وقف إطلاق النار المقترحة لمدة 60 يوماً، وتعطي "مرونة أكبر" بشأن موقع العسكريين، على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، بين ممري موراغ وفيلادلفيا، وفقاً لما ذكره مصدران لصحيفة "جيروزالم بوست"، الاثنين. وتتمثل نقاط الخلاف الرئيسية بين إسرائيل وحركة حماس، في انسحاب القوات الإسرائيلية خلال وقف إطلاق النار، وطريقة توزيع المساعدات داخل قطاع غزة.
وبموجب مقترح خريطة الانتشار الثالثة التي قدمتها تل أبيب، ستقلص إسرائيل وجودها العسكري إلى منطقة عازلة بعرض كيلومترين على طول الحدود الجنوبية قرب رفح. وأشارت تقارير إلى أن إسرائيل "مستعدة لسحب عدد أكبر من قواتها" خلال فترة الـ60 يوما. وكانت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في الدوحة قد تعثرت في الآونة الأخيرة، وتعد الخلافات حول حجم انسحاب القوات الإسرائيلية، لا سيما من جنوب قطاع غزة، إحدى أبرز النقاط العالقة.
وكانت إسرائيل تصر في السابق على بقاء قواتها في منطقة كبيرة نسبيا، تشمل منطقة عازلة بعرض 3 كيلومترات على طول الحدود مع مصر قرب مدينة رفح، بالإضافة إلى ممر موراغ الذي يفصل رفح عن مدينة خان يونس، ثاني كبرى مدن القطاع. في المقابل، تطالب حركة حماس بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت متمركزة فيها، قبل انهيار وقف إطلاق النار الأخير في مارس الماضي. وترتبط رغبة إسرائيل في الحفاظ على وجود عسكري في جنوب غزة بخطط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقامة مخيم هناك، يضم مئات الآلاف من الفلسطينيين، وفقا لتقارير إعلامية.