سيريا ستار تايمز

يتصرف كالمجنون.. قلق في البيت الأبيض من نتنياهو بعد ضربات سوريا


أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قلقاً متصاعداً داخل البيت الأبيض، بعدما وصفه مسؤولون أميركيون بأنه "يتصرف كالمجنون"، في أعقاب الضربات الجوية التي نفذتها إسرائيل قرب القصر الرئاسي السوري هذا الأسبوع، رغم اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أميركية. واعتبر بعض مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن تصرفات نتنياهو باتت تقوّض جهود واشنطن لتثبيت الاستقرار في سوريا والمنطقة. وقال مسؤول في البيت الأبيض لموقع "أكسيوس" الأميركي: "بيبي (نتنياهو) تصرف كمجنون.. يقصف كل شيء طوال الوقت، هذا قد يقوّض ما يحاول ترمب إنجازه". وأشار مسؤول أميركي كبير آخر إلى قصف كنيسة في غزة هذا الأسبوع، ما دفع الرئيس دونالد ترمب إلى الاتصال بنتنياهو والمطالبة بتفسير، مضيفاً: "الشعور السائد هو أنه في كل يوم هناك شيء جديد".
أما مسؤول ثالث، فقال إن هناك شكوكاً متزايدة داخل إدارة ترمب بشأن نتنياهو، مع شعور متصاعد بأنه متهور ويتسبب في اضطراب. وأضاف: "نتنياهو في بعض الأحيان مثل طفل لا يعرف كيف يتصرف". من جانبه، لم يرد المتحدث باسم نتنياهو، زيف أغمون، على طلب للتعليق.

لماذا هذا مهم؟
أفاد ستة مسؤولين أميركيين لموقع "أكسيوس" بأنه، على الرغم من التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية أنهى تصعيد هذا الأسبوع في سوريا، إلا أن البيت الأبيض أنهى الأسبوع بقلق متزايد تجاه سياسات نتنياهو الإقليمية. ومع ذلك، لم يوجه ترمب حتى الآن أي انتقاد علني، وما يزال من غير الواضح إن كان يشارك مستشاريه قلقهم تجاه تصرفات إسرائيل في سوريا. وفي يوم الثلاثاء، قصفت إسرائيل قافلة دبابات تابعة للجيش السوري كانت في طريقها إلى مدينة السويداء، رداً على اشتباكات عنيفة بين مجموعات درزية ومسلحين من القبائل البدوية. وزعمت إسرائيل أن القافلة دخلت منطقة جنوبية في سوريا تطالب بتجريدها من السلاح، وأن الجيش السوري كان يشارك في الهجمات ضد الأقلية الدرزية، وهو ما تنفيه دمشق. وبحسب مسؤول أميركي، طلب المبعوث الأميركي توم باراك من نظرائه الإسرائيليين، يوم الثلاثاء، وقف التصعيد والسماح بحل دبلوماسي، وقد التزمت إسرائيل بذلك. لكن، وبعد توقف مؤقت، صعّدت إسرائيل من ضرباتها. فبحلول الأربعاء، شنت ضربات على مقر القيادة العسكرية السورية وقرب القصر الرئاسي.

ما نقطة التوتر؟
قال مسؤول أميركي: "القصف في سوريا فاجأ الرئيس والبيت الأبيض. الرئيس لا يحب أن يفتح التلفاز ويرى القنابل تُلقى في بلد يحاول هو إحلال السلام فيه، وأعلن عن مبادرة لإعادة بنائه". في اليوم نفسه، طلب وزير الخارجية ماركو روبيو من نتنياهو وفريقه وقف القصف، ووافق نتنياهو بشرط انسحاب الجيش السوري من السويداء. لكن، في تلك الأثناء، كانت تركيا والسعودية قد نقلتا رسائل غاضبة إلى إدارة ترمب بشأن التصرفات الإسرائيلية، كما عبّر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين عن استيائهم لترمب مباشرة.

ما خلف الكواليس
كان من بين هؤلاء المسؤولين توم باراك والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وكلاهما من أصدقاء ترمب المقربين، وفقاً لمسؤول أميركي.

ويعتقد مسؤولون في البيت الأبيض أن نتنياهو شن الضربات في سوريا نتيجة ضغوط داخلية من الأقلية الدرزية في إسرائيل واعتبارات سياسية أخرى.
وقال أحدهم: "الأجندة السياسية لنتنياهو باتت تسيطر على قراراته.. وستتضح لاحقاً أنها كانت خطأ فادحاً على المدى البعيد". وأضاف مسؤول آخر: "يبدو أن الضرر الذي ألحقه الإسرائيليون بعلاقتهم مع البيت الأبيض خلال الأسبوع الماضي لم يصل إلى وعيهم بعد. الإسرائيليون بحاجة إلى أن يخرجوا رؤوسهم من الرمال".

ما بين السطور
جاء هذا التوتر بعد أيام فقط من زيارة نتنياهو إلى واشنطن، حيث التقى ترمب مرتين، وبدا أن علاقتهما أصبحت أقوى من أي وقت مضى عقب الحرب مع إيران. إلى جانب ملف سوريا وقصف الكنيسة في غزة، أثار مقتل المواطن الأميركي الفلسطيني سيف مصلت على يد مستوطنين إسرائيليين الأسبوع الماضي أيضاً غضب إدارة ترمب تجاه حكومة نتنياهو الداعمة للمستوطنين. السفير الأميركي مايك هاكابي، الذي زار محاكمة فساد نتنياهو مؤخراً دعماً له، وصف الهجوم بـ"الإرهاب" وطالب بتوضيحات، كما زار، مجتمعاً مسيحياً في الضفة الغربية تعرض لهجمات من مستوطنين. هاكابي، المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، انتقد هذا الأسبوع حكومة نتنياهو لتشديدها إجراءات منح تأشيرات السفر للأميركيين الإنجيليين.

دهشة إسرائيلية
أُصيبت إسرائيل بالدهشة من حجم الانتقادات الأميركية بشأن ضربات سوريا. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن ترمب شجع نتنياهو في بداية ولايته على الاحتفاظ بمناطق في سوريا، ولم يُبدِ سابقاً أي تحفظات على التدخلات الإسرائيلية هناك. وأضاف المسؤول أن إسرائيل تدخلت فقط بعد ورود معلومات استخبارية تؤكد ضلوع الجيش السوري في الهجمات ضد الدروز، نافياً وجود دوافع سياسية داخلية.

وقال: "الولايات المتحدة تريد الحفاظ على استقرار الحكومة السورية الجديدة، ولا تفهم لماذا نهاجم في سوريا بسبب ما تتعرض له طائفة الدروز هناك. حاولنا شرح أن هذا جزء من التزامنا تجاه الدروز في إسرائيل".

الوضع الراهن
تمثل حالة عدم الاستقرار في سوريا مصدر قلق كبير للإدارة الأميركية. فقد كتب روبيو على منصة "إكس" أن النظام في دمشق عليه أن يسهم في إحلال السلام ووقف القتل. لكن مسؤولاً أميركياً بارزاً أكد أنi من غير المقبول أن تقرر إسرائيل ما إذا كان يحق للحكومة السورية فرض سيادتها على مواطنيها وأراضيها.

وقال: "السياسة الإسرائيلية الحالية ستؤدي إلى سوريا غير مستقرة، وسيتضرر كل من الدروز وإسرائيل من هذا السيناريو". ولم تكن هذه المرة الأولى التي يختبر فيها نتنياهو صبر ترمب، فقد راهن سابقاً على دعم ترمب لضرباته ضد إيران، ونجح بذلك بشكل لافت. كما واصل التصعيد في غزة رغم رغبة ترمب في إنهاء الحرب، وفي سوريا، عاد للمراهنة على إمكانية التصعيد دون زعزعة استقرار المنطقة أو التأثير على علاقته بترمب.

سيريا ستار تايمز - syriastartimes,