
في اليوم الـ656 من حرب الإبادة على غزة، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة في حي تل الهوى بقصف ليلي، كما استهدفت نازحين في مخيم الشاطئ. وكثفت إسرائيل الغارات على دير البلح، وذلك بعد يوم شهد مجازر جديدة سببت استشهاد أكثر من 80 مواطنا فلسطينيا. وفي الجانب العسكري، أوقعت عمليات جديدة للمقاومة الفلسطينية إصابات بصفوف جنود الاحتلال في خان يونس ودير البلح. وعلى المستوى الإنساني، تتفاقم المجاعة في قطاع غزة، حيث تتزايد أعداد المتوفين جوعا، ويستشهد كثيرون من أجل كيس طحين، في وقت تعجز المستشفيات عن استيعاب المصابين. وسياسيا، تستمر المفاوضات الجارية بالدوحة من أجل التوصل لاتفاق يشمل تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة من دون الإعلان عن تحقيق اختراق، في وقت أشارت فيه وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قد يتوجه نهاية الأسبوع إلى العاصمة القطرية.
حراك شعبي عالمي لكسر الحصار وإنهاء التجويع بغزة
دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى أوسع حراك شعبي وجماهيري في مختلف عواصم ومدن العالم، أيام الجمعة والسبت والأحد (25-27 يوليو/تموز 2025) وكل الأيام القادمة، حتى إنهاء الحصار والمجاعة المفروضة على قطاع غزة. وأكدت حماس -في بيان صحفي- أن ما يجري في غزة هو "لحظة فاصلة في الضمير الإنساني" تتطلب هبة عالمية لوقف حرب الإبادة والتجويع التي تنفذها إسرائيل بحق أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين منذ نحو 10 شهور. وقالت أيضا "لتكن الأيام القادمة صرخة مدوية في وجه الاحتلال، وعارا في جبين الصامتين". ودعت حماس إلى مظاهرات واعتصامات ومسيرات غضب أمام سفارات الاحتلال الإسرائيلي والسفارات الأميركية، وفي الساحات العامة والجامعات وعلى جميع المنصات الإعلامية، للتنديد بجريمة التجويع التي تُنفذ بصورة ممنهجة، مطالبة برفع الصوت العالمي الموحد "أوقفوا جريمة التجويع". وجاءت هذه الدعوة في وقتٍ تتفاقم فيه الكارثة الإنسانية بشكل غير مسبوق في قطاع غزة المنكوب، إذ حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن "الناس في غزة، بمن فيهم موظفوها، يغمى عليهم بسبب الجوع الشديد" في وقت لا تزال آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات الأممية عالقة عند المعابر المغلقة منذ مارس/آذار. ويستمر تدهور الوضع الإنساني بالقطاع الفلسطيني المدمر، وسط إغلاق كامل للمعابر منذ أكثر من 140 يوما، رغم وجود اتفاق سابق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى لم تنفذه إسرائيل. وقد بات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون بلا مأوى، بعدما دمرت آلة الحرب الإسرائيلية منازلهم. وتشن إسرائيل -بدعم أميركي- حرب إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، عبر القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، في تحدٍ صارخ لكل النداءات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف الحرب.

وأسفرت هذه الحرب عن أكثر من 201 ألف شهيد وجريح معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود، ومجاعة حصدت أرواح عشرات الفلسطينيين، وسط تحذيرات أممية من انهيار كامل للمنظومة الإنسانية.
منظمات أممية: حياة الفلسطينيين بغزة تنهار وآلاف الشاحنات على الأبواب
أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن الفلسطينيين في قطاع غزة، بمن فيهم موظفوها، يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد، وسط استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ عدة أشهر، ما أدى إلى وفاة أطفال وذوي احتياجات خاصة بسبب سوء التغذية الحاد. وقالت الأونروا في بيان نشرته على منصة إكس: "يغمى على الناس في غزة بمن فيهم موظفو الأونروا، بسبب الجوع والتجويع الشديدين. يموت الناس، بمن فيهم الأطفال وذوو الاحتياجات الخاصة، بسبب سوء التغذية الحاد".
وأوضحت الوكالة أن آلاف الشاحنات التابعة لها تقف بانتظار السماح لها بدخول القطاع منذ أن منعت إسرائيل إدخالها في مارس/آذار الماضي، داعية إلى رفع الحصار فورا للسماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من أن 94% من المرافق الصحية في القطاع تضررت، وأن نصف المستشفيات خرجت عن الخدمة، بينما يعاني ما تبقى من المستشفيات من نقص حاد في الوقود والإمدادات. وقالت المنظمة إنها تطالب بحماية مقراتها والإفراج عن أحد موظفيها المعتقلين، ودعت إلى إدخال المواد الغذائية والطبية فورا.
ضحايا المجاعة
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن "شرايين الحياة الأخيرة في غزة تنهار بسرعة". وذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن مدنيين، بمن فيهم أطفال، "قتلوا خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة الجوع"، مؤكدا أن المدنيين يتعرضون لإطلاق النار أثناء محاولتهم الوصول إلى شاحنات الإغاثة، في انتهاك صارخ لمبادئ العمل الإنساني.
وبحسب بيانات وزارة الصحة في غزة، فقد ارتفع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 101 منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 80 طفلا، مع استشهاد 15 شخصا خلال يوم واحد فقط.
من جهتها، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها فقدت 50 من أفراد طواقمها العاملة في غزة، وطالبت بحماية الطواقم الطبية، مؤكدة أنه "لا يوجد مكان آمن في القطاع". وأضافت المتحدثة باسم المنظمة أنه حتى العاملين الصحيين لم يعد لديهم طعام. وفي موازاة ذلك، تستمر إسرائيل في التهرب من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الموقع مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، إذ تواصل إغلاق معابر غزة أمام قوافل الإغاثة. وأدى الحصار المتواصل منذ أكثر من 18 شهرا، إلى تهجير أكثر من 1.5 مليون فلسطيني بعد أن دمرت منازلهم بفعل القصف، في حرب وُصفت دوليا بأنها "إبادة جماعية" ضد سكان القطاع. وتتهم تقارير أممية ومؤسسات حقوقية إسرائيل بتعمد استخدام التجويع كأداة حرب، في تحدٍ واضح لأوامر محكمة العدل الدولية التي طالبتها بوقف العمليات العسكرية، وتمكين وصول الإغاثة الإنسانية إلى المدنيين. وفي وقت يواجه فيه القطاع خطر "الموت الجماعي"، لا تزال آلاف الشاحنات المحمّلة بالمواد الإغاثية عالقة على الحدود، بينما يتواصل إطلاق النار على المدنيين الجوعى الذين يحاولون الوصول إلى الغذاء.
الوسطاء يطالبون حماس بإدخال "مجموعة من التحسينات" على ردها
أفادت مصادر فلسطينية بأن حماس قدمت ردها النهائي على مقترح وقف النار.
وأوضحت المصادر أن حماس وافقت على مقترح اتفاق غزة، مشيرة إلى أن القرار الآن بيد إسرائيل.
كما أضافت أن رد حماس تضمن ملاحظات على آلية المساعدات والانسحاب وضمان وقف الحرب. بدوره أفاد مراسلنا بأن رد حماس سلم للوسطاء ولم ينقل لإسرائيل، وأن الوسطاء طلبوا من حماس تعديلات ليكون ردها إيجابيا. وفي وقت سابق كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن الوسطاء من قطر ومصر، المشاركون في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، قد تلقوا رد حركة حماس على المقترح الأخير، إلا أن الرد لم يكن مرضياً حتى الآن، وفقاً لمصدر مطّلع على التفاصيل. وأشار المصدر، إلى أن الوسطاء يطالبون حماس بإدخال "مجموعة من التحسينات"، على ردّها للسماح بمواصلة المفاوضات. وأضاف أن مسؤولين في القدس وصفوا الرد بأنه مخيب للآمال، مؤكدين أنه في حال طرأ تحسّن كبير على الرد المحدث، سيكون بالإمكان المضي قدماً في العملية التفاوضية.
"الصفقة باتت قريبة"
وكان مسؤول إسرائيلي قد أكد في وقت سابق لموقع "واللا" أن مفاوضات صفقة وقف إطلاق النار في قطاع غزة باتت في المرحلة الأخيرة.
كما أوضحت مصادر للقناة 12 الإسرائيلية أن معظم النقاط الخلافية بشأن اتفاق غزة تم حلها، وأن رد حماس من المتوقع أن يصل الليلة أو غدا على أقصى تقدير. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن تل أبيب "تتوقع رد حماس الليلة أو غدا" على المقترح الجديد الذي قدم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حسبما نقلت القناة 12 الإسرائيلية. وبحسب ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الوسطاء المشاركين في المحادثات الجارية، لا سيما في الدوحة والقاهرة، يقدرون أن حركة حماس ستبلغ بردها خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة، في ظل وجود خلاف محوري لا يزال قائما حول مدى انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي أعادت احتلالها خلال العمليات العسكرية الأخيرة في غزة. ورغم هذه الخلافات، تشير مصادر إسرائيلية مطلعة إلى أن التفاهمات التي جرى التوصل إليها حتى الآن تتيح إمكانية التوصل إلى اتفاق خلال مدة قصيرة، إذا ما أبدى الطرفان شيئا من "المرونة"، وفق تعبير تلك المصادر. ورغم ذلك، لم يصدر عن حماس رد رسمي على مقترح الوسطاء الذي تم تقديمه يوم الخميس الماضي، رغم مرور نحو أسبوع على طرحه.
تفاصيل الاتفاق
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، كشفت نقلا عن مصادر، تفاصيل تتعلق باتفاق غزة بين إسرائيل وحركة حماس. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي، وآخر فلسطيني مقرّب من حماس، قولهما إن الصفقة ستشمل إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء، بالإضافة إلى نقل 18 جريحا، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين. وسيتم إطلاق سراح المحتجزين ونقل الجثث على خمس مراحل خلال وقف إطلاق النار الذي من المقرر أن يستمر 60 يوما. ووفق المصدر الإسرائيلي فإنه بموجب الخطة، سيُطلب من حماس الامتناع عن إقامة "مراسم إطلاق سراح" مصوّرة، كما فعلت عند الإفراج عن المحتجزين خلال وقف لإطلاق النار تمّ التوصل إليه في وقت سابق من هذا العام.