الاشتباكات تعيق وصول المساعدات الإنسانية وإيصالها.. لجنة الحقوقيين الدولية تدعو حكومة سوريا لتحقيق محايد ومستقل في أحداث السويداء

أفادت الأمم المتحدة بأن الاشتباكات الأخيرة التي اندلعت نهاية الأسبوع في محافظة السويداء جنوبي سوريا تزيد من تعقيد وصول المساعدات الإنسانية وتسليمها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" إنه منذ اندلاع أعمال العنف الشهر الماضي، نزح أكثر من 190 ألف شخص من محافظات السويداء ودرعا وريف دمشق، مضيفاً أن عدداً قليلاً جداً منهم، قرابة 120 شخصاً، عادوا إلى مناطقهم، وخاصةً إلى منطقة صلخد في السويداء. وذكر البيان أن الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني تواصل دعم الاستجابة وتقديم المساعدات، محذّرة من أنه "مع قيود الوصول ومحدودية الموارد، ثمة حاجة إلى المزيد لتلبية احتياجات الناس". وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن الاشتباكات الأخيرة في محافظة السويداء، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أدت إلى إغلاق مؤقت للطريق الإنساني الوحيد إلى السويداء، والذي يُستخدم لإيصال المساعدات الإنسانية وإجلاء المحتاجين، والذي أعيد افتتاحه أمس الإثنين، في حين لا يزال الطريق السريع الرئيسي بين دمشق والسويداء مغلقاً منذ 12 تموز الماضي. وحذّر "أوتشا" من أن "أثر القتال، بما في ذلك النزوح، وضع ضغطاً هائلاً على النظام الصحي المُنهك أصلاً في السويداء، وكذلك في درعا المجاورة"، مضيفاً أن "الفرق الطبية المتنقلة تعمل على سد الثغرات في درعا".
وشدد المكتب الأممي على ضرورة "تعزيز خدمات صحة الأم، ورعاية الإصابات، وإدارة الأمراض غير المعدية بشكل عاجل".
وأمس الإثنين، أعلنت وزارة الداخلية السورية عودة افتتاح ممر بصرى الشام الإنساني بريف درعا مع محافظة السويداء، وذلك بعد إغلاق دام يوما واحدا نتيجة لتجدد الاشتباكات في المنطقة. وذكر مصدر في وزارة الداخلية أن إغلاق ممر بصرى الشام الإنساني جاء "بشكل مؤقت إلى حين تأمين المنطقة بعد خرق المجموعات الخارجة عن القانون لاتفاق وقف إطلاق النار في السويداء ومهاجمة قوات الأمن الداخلي". كما أعلنت المعرفات الرسمية لمحافظة السويداء، أمس الإثنين، دخول 30 طناً من الطحين إلى المحافظة، وذلك بعد عودة افتتاح ممر بصرى الشام الإنساني. وبثت المعرفات صوراً تظهر عودة حركة دخول وخروج الأهالي إلى المحافظة، وسط مساندة من فرق الدفاع المدني السوري.
"لجنة الحقوقيين الدولية" تدعو حكومة سوريا لتحقيق محايد ومستقل في أحداث السويداء
دعت "لجنة الحقوقيين الدولية" الحكومة السورية إلى فتح تحقيق عاجل، مستقل، ومحايد في الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في محافظة السويداء، مشددة على ضرورة محاسبة جميع المسؤولين عنها من دون استثناء. وفي بيان لها، قالت اللجنة إن الاشتباكات في محافظة السويداء أسفرت عن مقتل نحو 1120 مدنياً في المحافظة، من بينهم مقاتلون من المجموعات المحلية ومدنيون من الدروز والبدو، وعناصر أمنية تتبع الحكومة السورية، في حين تسببت في نزوح نحو 175 ألف شخص من مناطقهم. وذكر البيان أن مقاطع مصوّرة نُشرت عبر الإنترنت أظهرت رجالاً مجهولين يرتدون بزّات عسكرية وهم ينفّذون إعدامات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، في حين نفذت ميليشيات درزية هجمات عنيفة على أحياء وقرى يقطنها البدو، شملت احتجاز رهائن وإجبار العديد من المدنيين على الفرار. وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "لجنة الحقوقيين الدولية"، سعيد بن عربية إن "مرتكبي الفظائع يجب أن يُحاسبوا بغض النظر عن انتمائهم السياسي"، مضيفاً أن على السلطات السورية "ضمان حماية جميع الأقليات الدينية، من خلال التحقيق والملاحقة القضائية ومعاقبة المسؤولين عن الإعدامات الميدانية والانتهاكات الأخرى التي تعرّضوا لها".
لجنة تحقيق محلية لا تكفي
وأشارت "لجنة الحقوقيين الدولية" إلى أن السلطات السورية أعلنت، في 31 تموز الماضي، عن تشكيل لجنة تحقيق في أحداث السويداء، لكنها شددت على أن "تحقيق العدالة الحقيقية يتطلب محاسبة جميع مرتكبي الجرائم بموجب القانون الدولي، من كافة الأطراف".
وأكدت اللجنة على أهمية أن تكون العملية الانتقالية المنصوص عليها في المرسوم رقم 20 الصادر بتاريخ 17 أيار 2025، والذي ينص على تشكيل "اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية" للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من قبل النظام المخلوع، "عملية شاملة وشفافة تحقق العدالة والإنصاف لجميع الضحايا دون تمييز". وشددت "لجنة الحقوقيين الدولية" على أن "أي مصالحة حقيقية ومستدامة في سوريا يجب أن تقوم على كشف الحقيقة الكاملة وتحقيق العدالة لجميع المتضررين من الجرائم والانتهاكات، أياً كانت الجهة المسؤولة عنها".
لجنة التحقيق في أحداث السويداء
يشار إلى أن وزارة العدل السورية أعلنت عن تشكيل لجنة تحقيق خاصة بأحداث السويداء الأخيرة، لتحديد الأطراف والجهات المشاركة في الانتهاكات بحق المواطنين في المحافظة. والسبت الماضي، باشرت اللجنة أولى جلساتها الرسمية، من مقر وزارة العدل، برئاسة وزير العدل الدكتور مظهر الويس، الذي شدد على أن عمل اللجنة يجب أن يسير وفق مبادئ العدالة والشفافية، بما يضمن السلم الأهلي ويعيد الأمن إلى محافظة السويداء. وتعهدت اللجنة بإصدار تقرير شفاف يتضمن قوائم بأسماء المتورطين في الانتهاكات، وإحالتهم إلى القضاء وفق الأصول، مؤكدة أنها لجنة مستقلة وليست جهة قضائية، وتعمل بصلاحيات كاملة وبتوجيه مباشر من رئاسة الجمهورية.