ترقى على الأرجح إلى جرائم حرب.. التقرير الأممي عن أحداث الساحل يتوافق مع ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة بشأن سوريا تقريراً جديداً حول أحداث الساحل السوري، مؤكدة أن موجة العنف الطائفي التي شهدتها المنطقة "ترقى على الأرجح إلى جرائم حرب"، مع تورط عناصر من قوات موالية لنظام الأسد المخلوع، وأخرى تابعة للحكومة السورية، إضافة إلى مدنيين. وقال التقرير إن أعمال العنف في الساحل شملت القتل والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية للجثث، إلى جانب النهب على نطاق واسع وحرق المنازل، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. وأكدت اللجنة أن بعض الانتهاكات ارتكبها مقاتلون مدمجون ضمن قوات الأمن في الحكومة السورية، رغم أن هذه القوات سعت في حالات أخرى إلى وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم.
وذكرت اللجنة أن نتائج التقرير استندت إلى أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود، إضافة إلى مراجعة أدلة ميدانية، مشيرة إلى أنها ما تزال تتلقى معلومات عن انتهاكات مستمرة في مناطق متضررة، مؤكدة على حاجة هذه المجتمعات إلى إجراءات عاجلة لزيادة الحماية. وأقرت لجنة التحقيق الأممية بالتزام السلطات السورية بتحديد هوية المسؤولين عن الانتهاكات عبر تقريرها الأخير، معتبرة أن تقريرها وتقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في سوريا يشكلان خطوات مهمة على طريق الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة.
وقبل أيام، نشرت وزارة العدل السورية نسخة مكتوبة من ملخص التقرير الذي أعدته اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري التي وقعت في آذار الماضي. وفي بيان لها، أوضحت الوزارة أنها تسعى دائماً لتعزيز الشفافية في جميع أنشطتها، إدراكاً منها لأهمية توفير المعلومات الدقيقة والموثوقة للجمهور. واعتبرت أن إصدار نسخة مكتوبة من الملخص يمثل "خطوة هامة" نحو تحقيق هذا الهدف، معربة عن أملها في أن يسهم ذلك في تعزيز الفهم العام للأحداث الراهنة وتوفير سياق واضح يساعد على نقل الحقائق بشكل موضوعي، من خلال تمكين وسائل الإعلام المحلية والدولية من الاطلاع على هذه المعلومات. وأكدت العدل السورية أن "التزامنا بمبدأ الشفافية يعكس رغبتنا في بناء ثقة أكبر بين الوزارة والجمهور، ويعزز من دور الإعلام كحلقة وصل حيوية في نقل المعلومات".
الشيباني ثمن اعتراف التقرير الأممي بجهود الحكومة في ملاحقة ومحاسبة المتورطين
وجه وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، رسالة شكر إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا، باولو سيرجيو بينهيور، على جهوده في إعداد التقرير الأخير حول أحداث الساحل التي وقعت في مارس الماضي. وأكد الشيباني أن ما ورد في التقرير ينسجم مع ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة.
كما شدد، اليوم الخمس، على التزام الحكومة بإدماج التوصيات ضمن مسار بناء المؤسسات وترسيخ دولة القانون في سوريا الجديدة، وفق ما أفادت وكالة "سانا".
جهود الحكومة
وثمن اعتراف التقرير الأممي بجهود الحكومة في ملاحقة ومحاسبة المتورطين. وأكد أن الحكومة اتخذت إجراءات جادة في سبيل المساءلة، وتم توقيف عدد من المتورطين بالفعل.
كما أبدى الشيباني تقديره لإشارة التقرير إلى حجم المعلومات المضللة التي انتشرت عن الأحداث، وختم مشددا على عمل الحكومة من أجل ترسيخ العدالة وضمان المساءلة ومنع تكرار الانتهاكات.
وكانت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، خلصت في التقرير الذي نشرته بوقت سابق اليوم إلى أن الانتهاكات وأعمال العنف التي وقعت في منطقة الساحل خلال شهر مارس الماضي "قد ترقى إلى جرائم حرب". كما أشارت إلى أن انتهاكات واسعة ارتكبت من كافة الأطراف، سواء عناصر أمنية تابعة للحكومة أو مسلحين موالين للنظام السابق. يذكر أن مناطق الساحل (اللاذقية، وطرطوس، وبانياس) كانت شهدت في 6 مارس الماضي، أحداث عنف ومواجهات دامية طالت مدنيين وعناصر من الأمن العام، وحمّلت الحكومة مسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد مسؤولية الهجمات على قواتها وإعدام العشرات منهم، فيما اتُهم عناصر من الأمن بتنفيذ انتهاكات بحق مدنيين، وإحراق وسرقة منازل.