
يعيش حزب الله حالة من الإرباك وصراع القوى منذ اغتيال أمينَيْه العامين، حسن نصر الله وهاشم صفّي الدين، وتراجع دوره العسكري والأمني، في مرحلة غير مسبوقة تمرّ على التنظيم منذ تأسيسه عام 1882، وفق ما أكدت مصادر مطلعة.
وقد انعكست هذه الحالة على استحقاقات حزبية داخلية اتّخذت من مواقف قياديين ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مسرحاً لها. لعل الأبرز كان قبل أيام مع إعفاء رنا الساحلي من موقعها كمنسقة في وحدة العلاقات الإعلامية في "حزب الله"، وتباين المواقف داخل بيئة الحزب بين متضامن معها ورافض لانتقاد القرار. في حين لم يصدر أي بيان رسمي عن وحدة العلاقات الإعلامية يحسم الجدل بشأنها.
من جهته، اعتبر رئيس تحرير موقع "جنوبية" الصحافي علي الأمين أن الضجة التي أثيرت بعد إقالة المسؤولة بمكتب الإعلام بحزب الله رنا الساحلي تعكس حالة صراع القوى داخل الحزب، لكن "تحت المظلة الإيرانية"، وفق تعبيره. كما لفت في تصريحات إلى "أن غياب نصرالله، الأمين العام السابق للحزب، جعل الجماعة من دون قيادة قادرة على اتّخاذ القرارات وفرضها من دون أي اعتراض".
حلّ وحدة التنسيق والارتباط
إلى ذلك، كشفت مصادر مطّلعة على أجواء حزب الله أن "الحزب لم يُعيّن حتى الآن نائباً للأمين العام نعيم قاسم، علماً أن المعلومات تتحدّث عن أن الاسم الأكثر تداولاً داخل أروقة الحزب الآن هو رئيس كتلة نواب الحزب البرلمانية النائب محمد رعد". ولم تتوقف نتائج حرب الإسناد على فراغ هذا المنصب "المهم" بالحزب، بل وصلت إلى وحدة التنسيق والارتباط، وهي الجهاز الأمني الرئيسي في حزب الله، والوحدة المسؤولة عن التواصل مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتتبع الأمين العام للحزب مباشرة.
وبحسب المصادر المطّلعة فإن مجلس الشورى داخل الحزب يتّجه قريباً إلى اتّخاذ قرار بتغيير رئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، العضو البارز في الحزب، بسبب إخفاقاته وعلاقاته السيّئة مع أجهزة الدولة". علماً أن صفا يتولى رئاسة هذه الوحدة الأمنية منذ أواخر الثمانينيات وهو ويدير علاقات الجماعة مع الأجهزة الأمنية. كما يعدّ من الشخصيات الغامضة والمُثيرة للجدل في حزب الله بسبب دوره المهم على المستويين الأمني والسياسي. وكان آخر خبر تم التداول به إعلامياً بشأن عمل صفا الأمني، في 21 أغسطس (آب) الفائت، حيث التقى قائد الجيش رودولف هيكل للبحث في قرار الحكومة حصر السلاح وتكليف الجيش بإعداد خطة بذلك.
شخصية مرنة
كما أوضحت المصادر المطّلعة أن الحزب يتجه إلى تعيين شخصية مرنة، مقرّبة من الأمين العام، نعيم قاسم، كان لها دور معاون في الملف الدبلوماسي داخل الحزب". في المقابل، نفت مصادر مقرّبة من الحزب كل ما يتداول بشأن صفا، وأوضحت "أنه لا يزال في منصبه، لكنه متواجد حالياً خارج لبنان".
توقف بطاقة الوحدة الأمنية
لكن المصادر نفسها أكدت في المقابل "توقّف العمل نهائياً ببطاقات التسهيل المعروفة باسم اللجنة الأمنية لحزب الله، التي كانت تصدر عن وحدة الارتباط والتنسيق بعد موافقة الأجهزة الأمنية"، إذ فقدت صلاحيتها ولم تعد تُعتمد منذ أكثر من شهرين.
وجوه سياسية جديدة
إلى ذلك، اعتبر الصحافي علي الأمين "أنه بعد حرب الإسناد صعدت إلى الواجهة داخل حزب الله وجوه سياسية تمثل جناح حزب الدعوة مثل محمد رعد ومحمود قماطي ومحمد فنيش في مقابل طيّ صفحة صفا وصلاحياته الأمنية". كما أضاف "أن حزب الله يعيش صراعاً داخلياً ينقسم بين وجهتي نظر، الأولى ترفض الانصياع لقرارات الشرعية اللبنانية بتسليم السلاح، والثانية تدعو إلى التعاطي بمرونة أكثر مع الدولة وعدم التصادم مع الداخل اللبناني"، وأشار إلى أن "هذا الصراع ينعكس على القاعدة الحزبية ويحول دون التوجّه إلى خطاب جديد". إلا أنه رأى "أن هذا الخلاف والإرباك الداخلي، تكتيكي وليس استراتيجيا، ومحاولة للخروج من الشرنقة التي وضعوا أنفسهم فيها". يذكر أن الحكومة اللبنانية كانت أقرت في أغسطس (آب) الماضي تجريد حزب الله من سلاحه بحلول نهاية العام، على وقع ضغوط أميركية وتهديدات بتوسيع إسرائيل لضرباتها. ووضع الجيش خطة لذلك، على أن يقدم تقاريره بشكل دوري إلى الحكومة. إلا أن الحزب ندد بالقرار، مؤكداً أكثر من مرة، ألا كلام حول السلاح قبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، وإطلاق الأسرى.
المبعوث الأميركي: نواصل دعم لبنان لنزع سلاح حزب الله
أكد المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك، أن الولايات المتحدة "تواصل دعم جهود لبنان لإعادة بناء الدولة وإيجاد السلام مع الجيران". وأضاف براك في تغريدة على حسابه في إكس، اليوم الخميس، أن بلاده، "تواصل دعم لبنان لتنفيذ الاتفاق مع إسرائيل ونزع سلاح حزب الله".
أتى هذا الموقف، فيما يرتقب أن يقيم حزب الله عصر اليوم فعاليات، عقب مرور سنة على اغتيال أمينيه العامين، حسن نصرالله، وهشام صفي الدين، بعدما خرج ضعيفاً من حرب دامية مع إسرائيل، دامت قرابة السنة، وانتهت باتفاق لوقف إطلاق النار، بدأ سريانه في 28 نوفمبر الماضي (2024).
مطالبات بالضغط على إسرائيل
كما جاء تصريح براك، بعد أيام قليلة على مناشدة الرئيس اللبناني، جوزيف عون، "المجتمع الدولي الذي يتواجد قادته في أروقة الأمم المتحدة بذل كل الجهود لوقف الانتهاكات للقرارات الدولية، والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية". بدوره حض رئيس الوزراء اللبناني نوّاف سلام، قبل أيام، الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية على "ممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها فورا، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإطلاق سراح الأسرى"
يذكر أن الحكومة اللبنانية كانت قررت في آب/أغسطس تجريد حزب الله من سلاحه بحلول نهاية العام، على وقع ضغوط أميركية وتهديدات بتوسيع إسرائيل لضرباتها. وأوضح وزير الخارجية يوسف رجي أن الخطة التي وضعها الجيش لنزع سلاح حزب الله تنص على إنجاز ذلك في المنطقة الحدودية مع إسرائيل في غضون ثلاثة أشهر. فيما أكد الجيش أنه وضع خطة لذلك، محذراً من أن بقاء القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد، وهجماتها المتواصلة تعرقل انتشاره. ومنذ وقف النار في نوفمبر الماضي، بين إسرائيل وحزب الله، تشن القوات الإسرائيلية بشكل شبه يومي هجمات وغارات على مواقع وقرى في الجنوب، قائلة إنها تستهدف الحزب. كما رفضت إسرائيل الانسحاب من 5 تلال لبنانية، استراتيجية تشرف على جانبي الحدود.