هل توغل الجيش الإسرائيلي داخل درعا واعتقل عناصر أمن سوريين؟

في خضم التوترات الأمنية المتجددة جنوبي سوريا، ضجت منصات التواصل الاجتماعي، مساء أمس الثلاثاء، بصور زُعم أنها توثق لحظة اعتقال جنود إسرائيليين لعناصر من الأمن العام السوري، بعد تجريدهم من ملابسهم في مدينة درعا. وجاءت الصور مرفقة بعبارات مثيرة من قبيل "جيش الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في درعا"، و"إذلال الأمن السوري على يد الإسرائيليين"، مما دفع كثيرين إلى تداولها على أنها توثيق لتدخل عسكري مباشر وغير مسبوق داخل الأراضي السورية، في مشهد يوحي بتصعيد خطير.
فريق سيريا ستار تايمز تحقق تتبع القصة منذ اللحظات الأولى لانتشارها بهدف التحقق من مصداقية الرواية وكشف خلفيات الصور المتداولة.
الرواية المنتشرة
الصور سرعان ما حصدت تفاعلا واسعا على منصات التواصل، ووُصفت بأنها توثق "عملية نوعية" نُفذت ضد عناصر الأجهزة الأمنية السورية. وقد جاء أول تداول موسع لها عبر حسابات مجهولة الهوية، حملت عناوين مثيرة مثل: "قوات الاحتلال الصهيوني تلقي القبض على عناصر الأمن وتجردهم من لباسهم وسلاحهم في ريف درعا." التفاعل لم يقتصر على المستخدمين الأفراد، بل أعادت نشرها صفحات ذات طابع سياسي، مما ساعد في تضخيم الرواية وربطها مباشرة بمؤشرات التوتر القائم بين إسرائيل وسوريا في الجنوب.
ما الحقيقة؟
فريقنا تحقق" أجرى تدقيقا بصريا معمقا للصور المتداولة باستخدام أدوات متخصصة في تحليل المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي، ليتبين أنها غير حقيقية، وإنما جرى توليدها رقميا. الصور أظهرت علامات فبركة واضحة، من أبرزها أصابع أيد غير متناسقة أو بأعداد غير طبيعية، ملامح وجوه مشوهة أو غير مكتملة، وتكرارات غير منطقية في تفاصيل الخلفية.
كما احتوت بعض اللقطات على إشارة نموذج "غروك" (Grok) أسفلها، وهي علامة معروفة تظهر عند توليد الصور عبر أدوات الذكاء الاصطناعي. هذه الأدلة مجتمعة تؤكد أن الصور لا تمثل توثيقا لواقعة ميدانية في درعا، بل هي نتاج معالجة رقمية تهدف لإنتاج محتوى مثير يوحي بوقوع "حدث غير مسبوق".
كما لم تسجل أي جهة رسمية أو وسيلة إعلام موثوقة حدوث واقعة مشابهة في درعا بتاريخ النشر، وهو ما يعزز أن الصور مفبركة ولا تستند إلى حدث واقعي. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تنتهك إسرائيل سيادة سوريا بالقصف وتوسيع رقعة احتلالها لأراض في الجنوب، رغم أن الإدارة السورية لم تُبد أي توجه عدواني تجاه تل أبيب، وأعلنت عن ذلك في عدة مناسبات.