
حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن تزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" سيؤدي إلى تدمير العلاقات بين موسكو وواشنطن. وقال بوتين في تصريح مصوّر إن هذه الخطوة "ستقضي على العلاقات الروسية الأميركية، أو على الأقل على الاتجاهات الإيجابية التي بدأت بالظهور مؤخراً."
وقبل أيام حذّر الرئيس الروسي من أن تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى سيُلحق ضرراً بالغاً بالعلاقات بين موسكو وواشنطن. لكنه أكد في الوقت نفسه أن ذلك لن يغيّر الوضع الميداني، حيث يواصل الجيش الروسي تحقيق تقدّم بطيء لكنه ثابت.
"مرحلة نوعية جديدة من التصعيد"
وقال خلال منتدى للسياسة الخارجية في منتجع سوتشي على البحر الأسود يوم الخميس الماضي، إن تزويد كييف بصواريخ "توماهوك" الأميركية المجنّحة سيُشكّل "مرحلة نوعية جديدة من التصعيد، بما في ذلك في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة". وأضاف أن هذه الصواريخ، رغم قدرتها على إلحاق الأذى بروسيا إذا تم تسليمها لأوكرانيا، فإن الدفاعات الجوية الروسية ستتكيّف سريعاً مع هذا التهديد الجديد. وتابع قائلاً: "لن يغيّر ذلك توازن القوى على أرض المعركة"، مشدداً على أن القوات الروسية تواصل تحقيق مكاسب متواصلة ضد أوكرانيا. أتى ذلك، فيما أوضح مسؤول أميركي وثلاثة مصادر أن رغبة إدارة ترامب في تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" بعيدة المدى قد لا تكون ممكنة في الوقت الراهن، لأن المخزونات الحالية مخصّصة للبحرية الأميركية واستخدامات أخرى.
زيلينسكي بحث الأمر مع ترامب
كما جاء بعدما أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كان يطالب بصواريخ يزيد مداها عن ألفي كيلومتر، أنه ناقش هذه المسألة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. في ذلك الوقت، قال ترامب بعد الاجتماع، إن أوكرانيا لديها الفرصة لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا.
يشار إلى أن مصادر أميركية كانت أفادت سابقاً بأن الولايات المتحدة تعتزم تزويد أوكرانيا بمعلومات استخباراتية جديدة لشن ضربات باستخدام صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة ضد منشآت البنية التحتية للطاقة في روسي، وفق ما نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز". كما أضافت المصادر أن واشنطن ستقدم دعماً استخباراتياً لكييف، وستزودها بمعلومات استخباراتية جديدة تسمح بشن ضربات باستخدام صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة ضد منشآت البنية التحتية للطاقة الروسية. لكنها أشارت إلى أن بعض مستشاري الرئيس الأميركي، غير مقتنعين بأن صواريخ "توماهوك" ستغير بشكل كبير ميزان القوى على خط الجبهة. وقال أحد المسؤولين الأميركيين: "لا أعتقد أن عدداً محدوداً من صواريخ "توماهوك" أو الضربات المتفرقة في عمق الأراضي الروسية سيغير موقف بوتين".
مسيرات روسيا تؤرق أوروبا.. وألمانيا "هدفها إثارة القلق"
بعد تكرار حالات رصد طائرات مسيرة فوق مطارات ومواقع أوروبية، دعا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إلى التحلي بالهدوء، موجهاً أصابع الاتهام إلى موسكو. وقال في تصريحات لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية،"روسيا تسعى من خلال انتهاكاتها للمجال الجوي وطلعات طائراتها المسيرة إلى إثارة القلق وإطلاق نقاشات مثيرة للانقسام داخل ألمانيا".
كما اعتبر أن هذا النهج الروسي "يهدف إلى الاستفزاز، وإثارة الخوف، وإثارة نقاشات مثيرة للجدل. وأضاف قائلاً: "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف ألمانيا جيداً، كما يعرف غرائز الألمان وردود أفعالهم".
"لا تهديد حتى الآن"
إلى ذلك، أعرب عن تفهمه لحالة القلق التي سببتها هذه الحوادث، موضحاً أن "مثل هذا الجدل لم يحدث من قبل، ولهذا من المهم النظر إلى الوضع بعقلانية وهدوء، حيث لم تشكّل الطائرات المسيرة التي تم رصدها حتى الآن أي تهديد محدد". فيما أكد بيستوريوس أن ألمانيا تحقق تقدما كبيرا في قدراتها على درء الطائرات المسيرة، إلا أنه أثبط التوقعات المعقودة على الجيش في هذا المجال. وقال: "الجيش لا يمكنه أن يتواجد في كل مكان داخل ألمانيا لإسقاط طائرات مسيرة.. الأهم هو أن تمتلك الشرطة الاتحادية وشرطة الولايات القدرات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحالات على ارتفاعات معينة".
من جهتها، أعلنت القوات المسلحة البولندية إرسال طائرات مقاتلة ردا على ضربات روسية على الأراضي الأوكرانية. وقالت في بيان عبر منصة "إكس": "تشن روسيا ضربات على أهداف داخل الأراضي الأوكرانية، ولضمان سلامة المجال الجوي البولندي، شرعت القيادة العملياتية للقوات المسلحة البولندية في تنفيذ جميع الإجراءات اللازمة، حيث تعمل الطائرات البولندية وحلفاؤها بنشاط في مجالنا الجوي، بينما تم وضع أنظمة الدفاع الجوي الأرضية والاستطلاع الراداري في حالة تأهب قصوى". ومنذ 10 سبتمبر الماضي، حلّقت طائرات روسية مُسيّرة في المجال الجوي البولندي، ما أجبر طائرات الناتو على الإسراع لاعتراضها وإسقاط بعضها، في أول مواجهة مباشرة بين الحلف وموسكو منذ أن شنت روسيا حربها على أوكرانيا في 24 فبراير2022. ثم بعد أيام، دخلت طائرات حربية روسية المجال الجوي الإستوني، لتتوالى منذ ذلك الحين، حوادث مشابهة بالقرب من مطارات ومنشآت عسكرية وبنى تحتية حيوية، في دول أوروبية عدة. ما دفع وزراء الدفاع الأوروبيين إلى الموافقة قبل أيام على إنشاء "جدار للطائرات المُسيّرة" على طول حدودهم، من أجل تحسين رصد وتتبع واعتراض المُسيّرات التي تنتهك المجال الجوي الأوروبي.