لا يبدو أن اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض كان هادئاً، بحسب ما أكد مسؤولون مطلعون. فقد حثّ ترامب زيلينسكي خلال اللقاء على قبول شروط روسيا من أجل إنهاء الحرب، محذراً من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إنه "سيدمّر أوكرانيا" إذا لم توافق، وفق ما نقلت صحيفة "فاينانشيسل تايمز".
"شتائم ومشادة"
كما أكد أشخاص مطّلعون على الاجتماع أن اللقاء تحوّل أكثر من مرة إلى "مشادة كلامية صاخبة"، فيما كان ترامب "يشتم باستمرار". وكشفوا أن الرئيس الأميركي أصرّ على أن يتنازل زيلينسكي لموسكو عن كامل منطقة دونباس، وهو المطلب الذي كرره بوتين خلال اتصاله الهاتفي بترامب يوم الخميس الماضي. علماً أن زيلينسكي وفريقه كانا ذهبا إلى البيت الأبيض على أمل إقناع ترامب بتزويد كييف بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، لكن الرئيس الأميركي رفض ذلك في النهاية. فيما قال مسؤول أوروبي إن ترامب أبلغ زيلينسكي أن عليه أن "يبرم صفقة أو يواجه الدمار".
كما أضاف المسؤول أن الرئيس الأميركي قال لضيفه الأوكراني: "أنت تخسر الحرب، وإذا أراد بوتين ذلك فسوف يدمّرك".
"وبخ زيلينسكي"
إلى ذلك، أكد ثلاثة مسؤولين أوروبيين آخرين اطّلعوا على تفاصيل الاجتماع أن ترامب أمضى معظم اللقاء يوبّخ زيلينسكي، مكرّرًا حجج بوتين بشأن الحرب، وحاثًا إياه على قبول العرض الروسي. وقال أحد المسؤولين إن "الرئيس الأوكراني كان سلبيًا للغاية" بعد الاجتماع، مضيفًا أن القادة الأوروبيين "ليسوا متفائلين، لكنهم يتعاملون بواقعية مع التخطيط للخطوات المقبلة. يذكر أن أجواء هذا اللقاء المتوترة ذكّرت باجتماع مماثل كان عُقد في فبراير الماضي، حين انتقد ترامب ونائبه جي دي فانس زيلينسكي بسبب ما وصفاه بـ "قلة امتنان تجاه الولايات المتحدة".
وكان الرئيس الروسي قدّم عرضاً جديداً لترامب الخميس الماضي، قضى بأن تتخلى أوكرانيا عن المناطق التي تسيطر عليها في شرق دونباس مقابل حصولها على مساحات صغيرة من منطقتي خيرسون وزابوريجيا الجنوبيتين، وفق ما أكد مسؤولون مطلعون لوسائل إعلام أميركية. في حين رفضت كييف سابقاً التخلي عن أي من أراضيها شرقاً. وكرر أوليكساندر ميريجكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني الموقف عينه، معتبراً أن "تسليم دونباس إلى روسيا من دون قتال أمر غير مقبول للمجتمع الأوكراني". كما رأى أن بوتين ربما طرح هذه الفكرة المثيرة للجدل "بهدف إثارة الانقسام في الداخل الأوكراني وتقويض الوحدة في البلاد".
اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الاتحاد الأوروبي انتقل إلى "جهود تخريبية نشطة" قبيل قمة الرئيس فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، دونالد ترامب، بهدف عرقلة أي تحرك سلمي بشأن أوكرانيا. وقالت زاخاروفا في مقابلة مع وكالة "تاس": "نحن، بالطبع، نرى ونسمع ما يحدث ضمن جمود وسوء فهم لما يحدث"، مضيفة: "لجأ الاتحاد الأوروبي والمجتمع الأوروبي الغربي العدواني إلى إجراءات تخريبية نشطة، التي يفضلونها، لقد عادوا للإدلاء بتصريحات، وتهديدات، وما إلى ذلك".
بريطانيا تعتزم منح قواتها صلاحيات لإسقاط مسيّرات فور رؤيتها
ذكرت صحيفة تلغراف نقلا عن إعلان مرتقب لوزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن القوات البريطانية ستُمنح صلاحيات جديدة لإسقاط أي طائرات مسيّرة تهدد القواعد العسكرية البريطانية. وقالت الصحيفة إن من المتوقع أن يكشف هيلي عن رؤيته بشأن كيفية حماية أهم القواعد العسكرية البريطانية ردا على الخطر المتزايد الذي تشكله روسيا، دون تحديد وقت فعله لذلك. ونقلت الصحيفة عن مصدر أن الصلاحيات الجديدة ستطبق في البداية على المواقع العسكرية فقط، لكن الحكومة البريطانية "لا تستبعد العمل على توسيع نطاق هذه الصلاحيات" لتشمل مواقع مهمة أخرى مثل المطارات.
إطلاق النار
وأضافت الصحيفة أن القوات البريطانية تستخدم حاليا معدات متخصصة لمكافحة الطائرات المسيّرة يمكنها تتبع الطائرات القادمة واختطاف إشارتها وتحويل مسارها. وتابعت أن الاقتراح الجديد سيمنح الجنود أو شرطة وزارة الدفاع "خيارا فعالا" لإطلاق النار عليها في الموقع، وهو ما لا يمكنهم فعله الآن إلا في الظروف القصوى. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت بريطانيا أن طائرتين تابعتين لسلاح الجو الملكي نفذتا مهمة لمدة 12 ساعة إلى جانب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) لمراقبة حدود روسيا، قائلة إن العملية جاءت عقب توغلات في المجال الجوي لدول تابعة للحلف، منها بولندا ورومانيا وإستونيا. وأدى توغل تلك الطائرات إلى اضطراب حركة الطيران في جميع أنحاء أوروبا في الآونة الأخيرة بعد أن تسببت في إغلاق مطارات وإلغاء رحلات جوية. ووُجهت أصابع الاتهام إلى روسيا مع تصاعد التوتر مع الغرب بشأن حربها في أوكرانيا، لكن موسكو نفت أي مسؤولية لها.
وزير الخارجية الليتواني اعتبر أن "المكان الوحيد لبوتين في أوروبا هو لاهاي أمام المحكمة"
اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا ، أن الاتحاد الأوروبي انتقل إلى "جهود تخريبية نشطة" قبيل قمة الرئيس فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي، دونالد ترامب، بهدف عرقلة أي تحرك سلمي بشأن أوكرانيا. وقالت زاخاروفا في مقابلة مع وكالة "تاس": "نحن، بالطبع، نرى ونسمع ما يحدث ضمن جمود وسوء فهم لما يحدث"، مضيفة: "لجأ الاتحاد الأوروبي والمجتمع الأوروبي الغربي العدواني إلى إجراءات تخريبية نشطة، التي يفضلونها، لقد عادوا للإدلاء بتصريحات، وتهديدات، وما إلى ذلك".
"يريدون إحباط أي طموحات سلام"
كما تابعت: "نحن نفهم ما يريدون فعله. أتحدث عن مجتمع أوروبا الغربية، مدفوعاً بمبادئ سابقة لليبراليين الأميركيين المتطرفين. بالطبع، يريدون إحباط أي طموحات سلام، بدءاً من الحديث عن مفاوضات السلام ووصولاً إلى الإجراءات الفعلية". كذلك أردفت أنه "من الواضح أنهم يبذلون قصارى جهدهم لتصعيد الصراع، تماماً كما فعلوا في عام 2022، بتعطيل مفاوضات السلام التي طلبها نظام كييف، والتي أتاحتها بلادنا".
وختمت قائلة: "لقد دأبوا على فعل ذلك طوال هذه السنوات، مُخفين ذلك، بين الحين والآخر، بتصريحات حول سلام مفترض ومبادرات سلام مفترضة. في الواقع، إنهم يبذلون قصارى جهدهم للتصعيد. من الصعب الجزم بمدى إدراكهم لما يفعلونه، نظراً لكثرة غير المحترفين الذين يتولون قيادة كل هذه الدول الأوروبية الغربية، وغير المتخصصين من حيث التعليم أو الخبرة أو المهنة"، واصفة القادة بأنهم "مجرد واجهات تتحدث".
"ليست شيئاً لطيفاً"
من جانبها، رأت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس ، أن احتمالية سفر بوتين إلى المجر، العضو في الاتحاد الأوروبي، لإجراء محادثات بشأن أوكرانيا "ليست شيئاً لطيفاً". وصرحت كالاس للصحافيين قبيل اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين في لوكسمبورغ بأن جهود ترامب لإحلال السلام موضع ترحيب، لكن من المهم أيضاً أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالزعيم الروسي.
كما أضافت أن "لدى أميركا قوة كبيرة للضغط على روسيا للجلوس على طاولة المفاوضات، وإذا استخدمتها، فسيكون من الجيد بالطبع أن توقف روسيا هذه الحرب"، مردفة: "فيما يتعلق ببودابست، لا، ليس لطيفاً... أن نرى شخصاً صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية قادماً إلى دولة أوروبية.. السؤال يتعلق بما إذا كانت هذه المحادثات ستسفر عن أي نتيجة". كذلك لفتت إلى أنها تتوقع اعتماد الحزمة 19 من العقوبات على روسيا هذا الأسبوع، لكنها أوضحت أن الموافقة لن تتم اليوم.
"لا مكان لبوتين في أي عاصمة أوروبية"
بدوره قال وزير الخارجية الليتواني كيستوتيس بودريس إنه لا مكان لبوتين في أي عاصمة أوروبية. واعتبر بودريس قبيل اجتماع الوزراء أن "المكان الوحيد لبوتين في أوروبا هو لاهاي، أمام المحكمة، وليس في أي من عواصمنا". يأتي ذلك فيما أعلن الرئيس الأميركي يوم الخميس أنه سيلتقي مع نظيره الروسي قريباً في بودابست لمواصلة النقاشات حول كيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد مكالمة طويلة بينهما. ويواجه بوتين مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، التي تعمل المجر على الانسحاب منها.
