الفنتانيل سلاح كيمياوي.. مذكرة سرية تبرر ضربات أميركا لقوارب المخدرات

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مضمون مذكرة سرية صادرة عن وزارة العدل الأميركية تبرر الضربات العسكرية التي تنفذها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد قوارب يُشتبه في أنها تنقل المخدرات في منطقة بحر الكاريبي والمحيط الهادي، وتصف مادة "الفنتانيل" المخدرة على أنها قد تشكل تهديداً للبلاد كسلاح كيمياوي. ووفقاً لمشرعين اطّلعوا على الوثيقة، فإن المذكرة التي أعدّها مكتب المستشار القانوني في الوزارة تضع إطاراً قانونياً متعدد المسارات لاستمرار العمليات التي انطلقت مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي وأثارت انتقادات من ديمقراطيين وجمهوريين، على حد سواء. وتشير المذكرة إلى أن "الفنتانيل" استُخدم في السابق كسلاح، مستشهدةً بحادثة وقعت في موسكو عام 2002 عندما استخدمت السلطات الروسية نسخة من هذه المادة لإنهاء أزمة رهائن في أحد المسارح، ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص من أصل 700 كانوا محتجزين. لكن وزارة العدل الأميركية أكدت أن تبرير الضربات لا يستند إلى مخاوف من استخدام عصابات المخدرات لأسلحة كيمياوية، بل إلى تصنيف الرئيس ترامب لهذه العصابات كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، وهو ما يجعلها ــ وفق القراءة القانونية ــ أهدافاً عسكرية مشروعة.
وتذكر المذكرة أن فنزويلا تُستخدم كمسار لتهريب الكوكايين، رغم عدم وجود دليل على إنتاجها لمادة "الفنتانيل"، التي تصنّع في الغالب داخل المكسيك. كما تعتمد الوثيقة على مبدأ "الدفاع الجماعي" لتبرير تقديم دعم عسكري لدول حليفة في أميركا اللاتينية تواجه تهديدات من عصابات المخدرات. كما تجادل الوثيقة بأن الولايات المتحدة منخرطة في "نزاع مسلح غير دولي" مع عصابات المخدرات داخل أراضي دولة واحدة - وهو تصنيف قانوني يُستخدم لتبرير عمل أفراد القوات الأميركية في إطار قانوني يحميهم من الملاحقة القضائية المستقبلية.
من جهتهم، وصف عدد من خبراء القانون المذكرة بأنها "توسيع غير مسبوق" لاستخدام التصنيف الإرهابي، مؤكدين أن هذا التصنيف يُستخدم عادة لفرض العقوبات لا لشن عمليات عسكرية. ويرى آخرون أن ضرب قوارب تحمل مشتبه به في جرائم جنائية لا يندرج ضمن الأعمال التي يجيزها القانون الدولي. كما أشار مشرعون أميركيون إلى أن الإدارة يجب أن تطلب تفويضاً من الكونغرس لمواصلة العمليات بعد فترة السماح البالغة 60 يوماً، وهو ما لم يحدث حتى الآن. وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسِث في تعليق عبر وسائل التواصل إن هذه الحملة العسكرية "تزيل الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات من نصف الكرة الغربي" وتحمي الولايات المتحدة من المخدرات "التي تقتل الأميركيين"، مضيفاً أن "أميركا ستحمي جوارها". لكن دولاً حليفة مثل كولومبيا والمكسيك انتقدت الضربات، مشيرة إلى أنه لم يتم استشارتها قبل تغيير التكتيكات الأميركية كما أنها لم تطلب مثل هذا الدعم العسكري. وحتى الآن، نفّذ البنتاغون 20 ضربة معروفة ضد قوارب يقول إنها تحمل مخدرات في بحر الكاريبي والمحيط الهادي، قُتل خلالها ما لا يقل عن 79 شخصاً. لكن الوزارة لم تقدم أدلة علنية تدعم هذه الادعاءات منذ بدء الهجمات في الثاني من سبتمبر (أيلول).