روسيا تعيد إنشاء تسعة مواقع عسكرية في القنيطرة وتعزز حضورها جنوبي سوريا

كشف موقع "ذا كريدل" أن روسيا بدأت خطوات عملية لإعادة تموضع قواتها في جنوبي سوريا، عبر إعادة إنشاء تسعة مواقع عسكرية في محافظة القنيطرة المحاذية للجولان المحتل، وذلك بعد جولة ميدانية واسعة أجراها وفد عسكري روسي رفيع في 17 تشرين الثاني. ووفق مصادر خاصة تحدثت للموقع، ضم الوفد ضباطاً من القيادات العسكرية الروسية العاملة في سوريا، يرافقهم فريق من وزارة الدفاع السورية، حيث زاروا نقاطاً عسكرية سبق أن انسحبت منها موسكو خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
إعادة تموضع ومركز لوجستي دائم دون إشراك تركيا
وخلافاً لتسريبات تحدثت عن تنسيق ثلاثي بشأن الجنوب السوري، لم يضم الوفد أي ممثلين عن الجانب التركي، فيما تؤكد مصادر "ذا كريدل" أن غياب أنقرة يعكس رغبة روسية في حصر ملف الجنوب بقنوات التنسيق المباشر بين موسكو ودمشق فقط. وشملت جولة الوفد الروسي والسوري عدداً من المواقع التي نشرت فيها روسيا قوات الشرطة العسكرية عام 2018 عقب اتفاقات تسوية أُبرمت مع فصائل كانت تابعة لتنظيم "هيئة تحرير الشام". ومن أبرز المواقع التي جرى تفقدها تلول الحمر قرب خط وقف إطلاق النار لعام 1973، والتي تُعد من أكثر النقاط حساسية لمهام الرصد والمراقبة باتجاه الجولان المحتل.
ووفق المعلومات التي حصل عليها الموقع، قررت القيادة الروسية إعادة نشر قواتها في تسعة مواقع ضمن ريفي القنيطرة ودرعا، وهي ذات النقاط التي انسحبت منها بعد سقوط نظام الأسد. وأشارت مصادر "ذا كريدل" إلى أن الوفد أبقى مركزاً لوجستياً دائماً في القنيطرة عقب انتهاء الجولة، مهمته تقييم الاحتياجات الهندسية والتقنية، ورفع تقارير حول متطلبات إعادة تشغيل هذه المواقع، بما يشمل تأهيل البنى التحتية وخطوط الإمداد.
الخطوات التنفيذية خلال أسابيع
ويأتي التحرك الروسي بعد سلسلة خطوات مشتركة بين موسكو ودمشق، منها وصول وفد كبير من وزارة الدفاع الروسية إلى العاصمة قبل أيام، إضافة إلى اتصال هاتفي جرى بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وعقب زيارة الرئيس السوري، أحمد الشرع، إلى موسكو، في 15 تشرين الأول الماضي. وتقدر مصادر "ذا كريدل" أن الجنوب السوري كان محوراً أساسياً في هذه الاتصالات. ووفق معلومات الموقع، فإنه من المتوقع أن تبدأ الخطوات التنفيذية لإعادة الانتشار خلال الأسابيع المقبلة، مع إعلان متدرج عن إعادة فتح النقاط قبل نهاية العام الجاري.
إسرائيل تدفع لإبقاء الحضور الروسي جنوبي سوريا
من جانب آخر، تأتي العودة الروسية إلى القنيطرة في سياق إعادة ترتيب النفوذ العسكري في سوريا، خصوصاً على الحدود الجنوبية، لمنع أي فراغ قد تستغله أطراف محلية أو إقليمية، وفق "ذا كريدل". وتسعى موسكو، وفق تقديرات سياسية، إلى حماية وجودها الاستراتيجي في سوريا، ولا سيما قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية على الساحل السوري. وتشير تقارير غربية إلى أن إسرائيل تدفع في اتجاه إبقاء الحضور الروسي داخل سوريا، لاعتبارات تتعلق بموازنة النفوذ التركي، حيث سبق أن كشفت وكالة "رويترز" أن إسرائيل "تضغط على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا ضعيفة ولا مركزية، وللسماح لروسيا بالحفاظ على قواعدها هناك".
النقاط الروسية في القنيطرة ودرعا
في 18 تشرين الثاني 2024، نشرت وكالة "سانا" للمرة الأولى صوراً لتوزيع تسع نقاط مراقبة روسية في ريفي القنيطرة ودرعا قرب "منطقة فصل القوات"، مؤكدة أن موسكو لم تنسحب من أي نقطة بل عززت تواجدها. حينها، صرّح نائب قائد القوات الروسية في سوريا، الجنرال ألكسندر روديونوف، أن مهمات النقاط تشمل "عمليات المراقبة بالجو والبر".
وفي تموز 2025، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين استمرار الاتصالات مع الحكومة السورية بشأن القواعد العسكرية، واصفاً الوجود الروسي بأنه "عامل استقرار" يمكنه المساهمة في "تعزيز فعالية المساعدات الإنسانية". يشار إلى أنه قبل سقوط نظام الأسد، بلغ عدد النقاط الروسية في جنوبي سوريا أكثر من عشر نقاط، تضم شرطة عسكرية روسية مكلفة بمراقبة خط وقف إطلاق النار ومنع التصعيد بين الفصائل المسلحة و"حزب الله" والقوات الإيرانية. وتركزت هذه النقاط بين التلول الحمر وجبل الشيخ وتل الأحمر قرب أوفانيا وجباتا الخشب، وصولاً إلى مواقع في ريف درعا.