روسيا تتحدث عن بطء في المفاوضات وكييف تشيد بـ التقدم القوي.. تحذير من خديعة روسية لترامب

سجلت موسكو، تقدما "بطيئا" في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا ونددت بمحاولات "خبيثة" لإفشالها، عقب محادثات جرت خلال عطلة نهاية الأسبوع في ميامي ولم تُفضِ إلى كسر الجمود، فيما اعتبرت كييف في المقابل أن التقدم في المفاوضات "قوي إلى حد كبير". ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قوله "إننا نشهد تقدما بطيئا. ويصاحب ذلك محاولات شديدة الضرر وفي منتهى الخبث تقوم بها مجموعة دول مؤثِّرة لعرقلة هذه الجهود وإفشال العملية الدبلوماسية".
وأشاد بمساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيجاد "حلول تعالج جذور النزاع وتكون مستدامة"، مع توجيه انتقاد للموقف الأوروبي إزاء خطة واشنطن التي طُرحت قبل نحو شهر وتخضع منذ ذلك الحين لمفاوضات. وقال ريابكوف إن التفاهم الروسي الأميركي حول أوكرانيا "هو ما يخشاه خصومنا في بروكسل وعدد من العواصم الأوروبية، الذين لا يمكنهم حتى في أسوأ كوابيسهم تخيّل النتائج التي نعمل عليها". وأضاف "سنواصل التقدّم في هذا الاتجاه دون كلل". وكان ريابكوف، قال إن الدول الأوروبية أطلقت برامج إعادة تسليح واسعة النطاق بذريعة وجود تهديد مزعوم من روسيا. وقال خلال مناقشة بعنوان "(عدم) الاستقرار الاستراتيجي - 2025" في نادي "فالداي" للحوار: "تحت ذريعة أن موسكو تحيك خططاً عدوانية وتعتزم غزو دول الناتو في السنوات المقبلة، تم إطلاق برامج لإعادة التسلح واسعة النطاق في العواصم الأوروبية. على الرغم من غرابة الأمر، فإن حالة الجنون هذه تغذيها بشكل خبيث دعوات، أقتبسها حرفياً تقريباً، "الاستعداد لحرب واسعة النطاق، على غرار تلك التي خاضها أجدادنا". وأكد ريابكوف: "لقد تم إعداد الهجوم (في تلك الحرب) بشكل منهجي وتم تنفيذه في نهاية المطاف على بلدنا تحديداً، وليس العكس".
في المقابل، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن المسودات الأولية للمقترحات الأميركية بشأن اتفاق سلام بين أوكرانيا وروسيا تلبي العديد من مطالب كييف، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه من غير المرجح أن يحصل أي من طرفي الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات على كل ما يريده في محادثات التوصل إلى تسوية. وأضاف زيلينسكي "بشكل عام، يبدو الوضع قويا إلى حد كبير في هذه المرحلة". وقال زيلينسكي، للصحافيين في كييف، "هناك بعض الأمور التي ربما لسنا مستعدين لها، وأنا متأكد من أن الروس ليسوا مستعدين لها أيضا". وأكد زيلينسكي أنه تم إدراج "نحو 90%" من مطالب أوكرانيا في مسودات الاتفاقيات. وقال زيلينسكي إن أوكرانيا تطالب بأن يراجع الكونغرس الأميركي هذه الوثيقة الثنائية، مع الإبقاء على بعض التفاصيل والملاحق سرية. وأضاف زيلينسكي أن الفريق الأميركي يجري حاليا محادثات مع مبعوثين روس، وأن واشنطن طلبت عدم الكشف عن أية تفاصيل. وجرت في نهاية الأسبوع جولة جديدة من المحادثات بشأن الخطة الأميركية في فلوريدا، تخلّلتها لقاءات منفصلة لمسؤولين أميركيين مع الموفدين الروسي والأوكراني. ولم تُفضِ هذه الجولة الأخيرة من المفاوضات إلى تقدم ملموس، غير أن الولايات المتحدة وأوكرانيا وصفتا المناقشات بأنها "بنّاءة".
السيناتور الجمهوري يرى أن مبعوثي ترامب يبالغون في تقدير رغبة بوتين بإنهاء الحرب
في تصريحات حادة خلال مقابلة مع برنامج "Meet the Press" على شبكة "NBC"، أعرب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن قلقه من أن مبعوثي الرئيس دونالد ترامب للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا يبالغون في تقدير استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الصراع، مؤكداً أن موسكو لا تزال ترفض عروض السلام المطروحة.
وصرح غراهام أن بوتين "سيواصل محاولة السيطرة على دونباس بالقوة ما لم يتم زيادة الضغط عليه"، موضحاً أن روسيا رفضت عدة خطط سلام، من بينها خطة منقحة من 19 بنداً شاركت الولايات المتحدة وأوكرانيا في صياغتها. وبحسب التصريحات، لا يزال بوتين يصر على السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، رغم بقاء مدن استراتيجية مثل كراماتورسك وسلوفيانسك تحت السيطرة الأوكرانية. وأوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في تصريحات لمجلة فانيتي فير أن هناك عروضاً مطروحة لوقف الحرب عند خطوط التماس الحالية، بما يشمل أراضي أوكرانية تسيطر عليها روسيا حالياً، بما فيها شبه جزيرة القرم، لكنه أكد أن موسكو ترفض ذلك بشكل متكرر، متسائلاً عمّا إذا كان "بوتين يسعى فعلاً للسيطرة على البلاد بأكملها". أبدى غراهام دعمه لهذا التقييم، محذراً من أن المفاوضات الحالية قد تتحول إلى نموذج خداعي متكرر، مستشهداً بمشهد شهير من سلسلة الرسوم الكاريكاتورية الأميركية "Peanuts" حيث تقوم الشخصية "لوسي" في كل مرة بوعد "تشارلي براون" بترك كرة القدم ليركلها، لكنها تسحبها في اللحظة الأخيرة، فيسقط أرضاً. استخدم غراهام هذا التشبيه للتأكيد على أن الغرب، برأيه، يستمر في الثقة بروسيا ثم يتعرض للخيبة في كل مرة. وفي حال رفض بوتين الجولة الحالية من المحادثات، دعا غراهام الرئيس ترامب إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة، من بينها، توقيع حزمة عقوبات جديدة تحظى بدعم واسع في الكونغرس، وفرض رسوم جمركية على دول مثل الصين التي تشتري النفط الروسي المخفّض السعر، وتصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب بسبب قضية "اختطاف 20 ألف طفل أوكراني"، ومصادرة السفن التي تنقل النفط الروسي الخاضع للعقوبات، وتزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك".
قال غراهام بوضوح: "إذا قال بوتين لا، فعلينا تغيير قواعد اللعبة بشكل جذري… وسأدعم الذهاب إلى أقصى مدى". في المقابل، يواصل الرئيس ترامب إظهار مواقف متذبذبة تجاه الملف الأوكراني؛ إذ سبق أن هاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ثم عاد لاحقًا لينتقد بوتين ويصف روسيا بأنها نمر من ورق، قبل أن يعاود التشكيك مجددًا في جدوى الموقف الأوكراني. ومع ذلك، يظل إنهاء الحرب هدفًا معلنًا لإدارته. وتواصلت المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا مؤخرًا في ميامي، حيث أكد المفاوض الروسي كيريل ديميترييف أن المناقشات تسير بشكل بنّاء، وأنها ستستمر خلال الأيام المقبلة، في ظل ترقب دولي لنتائجها واحتمالات التصعيد إذا فشلت جولة الحوار الجديدة.