اعتراف إسرائيل بأرض الصومال سابقة خطيرة.. تسعى لموطئ قدم بالقرن الأفريقي: ما مصلحتها من الاعتراف بأرض الصومال؟

وصف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاعتراف بأرض الصومال بالاعتداء الصارخ على سيادة الدولة الصومالية ووحدة أراضيها، مشددا على أنه إجراء باطل شرعا وقانونا. وأكد بري أن هذا الاعتراف ليس له أي أثر قانوني، مشددا على أن الصومال دولة مستقلة ذات سيادة وحدود معترف بها دوليا. كما أكد على رفض الصومال، حكومة وشعبا، موقف نتنياهو الذي وصفه بـ"المتهور" جملة وتفصيلا، مضيفا أن الأجدر به هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية التي يحتل أرضها ويشرد شعبها، بدلا من التدخل في شؤون الصومال.
أطماع جيوسياسية في البحر الأحمر
وحذّر رئيس الوزراء الصومالي من الأبعاد الجيوسياسية للخطوة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن إسرائيل تسعى للحصول على موطئ قدم في منطقة القرن الأفريقي بهدف السيطرة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب. وأوضح بري أن هذه المساعي تشمل محاولات لتأسيس قواعد عسكرية، مما يشكل "سابقة خطيرة" تهدد أمن المواطنين الصوماليين والاستقرار الإقليمي في المنطقة برمتها. وعن الخطوات العملية لمواجهة هذا القرار، كشف بري عن تحركات دبلوماسية واسعة قامت بها مقديشو، شملت الاتصال بالدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية. وأشار بري إلى وجود إجماع دولي وإقليمي يساند الموقف الصومالي ويرفض التجاوزات الإسرائيلية للقانون الدولي. وشدد رئيس الوزراء الصومالي على أن بلاده تمتلك الحق الكامل في استخدام كافة الآليات القانونية المتاحة للدفاع عن وحدة أراضيها، مؤكدا أن بلاده ستواصل تحركها الدبلوماسي والقانوني "لصد هذا العدوان بكل الأشكال الممكنة". وفيما يخص الموقف الأميركي، أشاد بري بموقف واشنطن التي أعلنت عدم عزمها الاعتراف بإقليم أرض الصومال، موضحا أن هناك تواصلا مستمرا مع الإدارة الأميركية التي تؤكد احترامها لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
واختتم حديثه برفض بلاده موقف أي دولة تساند اعتراف إسرائيل الباطل، وقال: "لا أعتقد أن أي دولة تحترم نفسها ستحذو حذو الكيان الإسرائيلي في هذا الموقف المرفوض".
21 دولة عربية وإسلامية: اعتراف إسرائيل بأرض الصومال سابقة خطيرة
شددت منظمة التعاون الإسلامي و21 دولة عربية وإسلامية، على رفضها القاطع لإعلان إسرائيل الاعتراف بما يسمى "أرض الصومال"، معتبرة الخطوة "سابقة خطيرة وتهديدا للسلم والأمن الدوليين". جاء ذلك في بيان مشترك للمنظمة ووزراء خارجية كل من تركيا والأردن ومصر والجزائر وجزر القمر وجيبوتي وغامبيا وإيران والعراق والكويت وليبيا، إلى جانب المالديف ونيجيريا وسلطنة عُمان وباكستان وفلسطين وقطر والسعودية والصومال والسودان واليمن، نشرته الخارجية الأردنية بمنصة إكس. وأكد البيان "الرفض القاطع لإعلان إسرائيل اعترافها بإقليم أرض الصومال الكائن بجمهورية الصومال الفدرالية، على ضوء التداعيات الخطيرة لهذا الإجراء غير المسبوق على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وتأثيراته الخطيرة على السلم والأمن الدوليين، وهو ما يعكس كذلك عدم اكتراث إسرائيل الواضح والتام بالقانون الدولي". وأشار البيان، إلى أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يمثّل سابقة خطيرة وتهديدا للسلم والأمن الدوليين وللمبادئ المستقرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. كما أدان "بأشد العبارات" هذا الاعتراف الذي يمثّل خرقا سافرا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، الذي أكد على الحفاظ على سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها، وفق نص البيان. ورفض البيان "بشكل قاطع الربط بين هذا الإجراء الإسرائيلي وأي مخططات لتهجير الشعب الفلسطيني". وكان إعلان اعتراف إسرائيل بـ"جمهورية أرض الصومال" دولةً مستقلة ، قد أثار استنكارا وتنديدا عربيا وإسلاميا وإقليميا واسعا، وسط تحذيرات من أن هذه الخطوة تمثل "انتهاكا صارخا للقانون الدولي" وتهديدا مباشرا لأمن منطقة القرن الأفريقي واستقرار الصومال. وصدرت مواقف رسمية منددة من دول عربية وإسلامية عديدة، كما أصدرت منظمات إسلامية وعربية وأفريقية بيانات تندد بالخطوة الإسرائيلية وتحذر من تداعياتها على المنطقة.
ما مصلحة إسرائيل من الاعتراف بأرض الصومال؟
منذ إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بإقليم أرض الصومال"، تتعدد القراءات والتحليلات حول أهداف هذه الخطوة وعلاقة هذا الاعتراف بحسابات وأجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خاصة في منطقة القرن الأفريقي. وأعلن نتنياهو الاعتراف الرسمي بـ"جمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة وذات سيادة"، ووضع القرار في إطار "اتفاقيات أبراهام"، بينما اعتبرته الرئاسة الصومالية انتهاكا لسيادة الصومال ووحدة أراضيه. ويشير محللون إلى أن الخطوة الإسرائيلية ترتبط بإستراتيجية قديمة، إذ اهتمت إسرائيل بمنطقة القرن الأفريقي منذ الخمسينيات والستينات، ويوضح الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية، عبد القادر محمد علي لبرنامج "ما وراء الخبر" ضمن حلقة (2025/12/27) أن إسرائيل أعادت إحياء هذه الإستراتيجية خلال السنوات الأخيرة وخاصة بين عامي 2010 و2011. وعادت إسرائيل إلى الاهتمام بالقرن الأفريقي -وفق محمد علي- بعد صعود حركات المقاومة في قطاع غزة وفي جنوب لبنان، وبسبب تداعيات الربيع العربي، بالإضافة إلى ظهور الدور التركي في المنطقة. أما السبب الآخر الذي جعل إسرائيل تعترف بأرض الصومال، فهو الموقع الإستراتيجي لهذا الكيان، حيث يشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب، ما سيسمح لتل أبيب -يضيف ذات المتحدث- التجسس على جماعة الحوثيين في اليمن ومراقبة الملاحة في تلك المنطقة. ووفق الاعتقاد الإسرائيلي، فإن الاعتراف بأرض الصومال سيجعل هذا الإقليم منطقة معزولة عن محيطها وسيكون جيبا إسرائيليا فقط، وفق ما يقول الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية. ولا تختلف قراءة الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى لقراءة الضيف السابق بخصوص القرار الإسرائيلي، فقد حدد أهداف إسرائيل من وراء الاعتراف بأرض الصومال في الاقتراب من الجبهة الحوثية والتحكم في الملاحة المائية في البحر الأحمر، فضلا عن مواجهة النفوذ التركي في الصومال.
أما الهدف الإستراتيجي الآخر لإسرائيل -بحسب مصطفى- فهو توجيه رسالة للجميع بأنها تقوم فعليا بتغيير منطقة الشرق الأوسط، وأنها تتحكم في إيقاع هذه التغييرات.
تهجير الفلسطينيين
وبخصوص ما يريده إقليم أرض الصومال في المقابل من إسرائيل، يقول الباحث، الدكتور لقاء مكي إن الأمر يتعلق بالأمن وبمساعدات تكنولوجية وزراعية. كما تريد أرض الصومال، بحسب الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية، عبد القادر محمد علي، أن تحصل على الحماية من إسرائيل وأن تكون علاقتها بها مدخلا للعلاقة مع الولايات المتحدة ودول أخرى، أي الحصول على اعتراف دولي، بالإضافة إلى الحصول على دعم المؤسسات الدولية في مجال القروض والاستثمارات. ومن جهة أخرى، لا يستبعد مكي أن يكون القرار الإسرائيلي الاعتراف بـ"جمهورية أرض الصومال" له علاقة بمساعي إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، خاصة أن الإقليم سيحصل على أموال في مقابل ذلك، لكنه اعتبر أن هناك عقبات قد تحول دون تحقيق هذا الهدف، تتعلق بالفلسطينيين أنفسهم، لأنهم يرفضون التهجير، والأمر الآخر أن أرض الصومال كيان غير معترف به دوليا. وكانت وكالة أسوشيتد برس أفادت في مارس/آذار الماضي أن الولايات المتحدة وإسرائيل عرضتا على مسؤولين في 3 دول أفريقية، توطين فلسطينيين من قطاع غزة على أراضيها. وذكرت الوكالة عن المصادر أن التواصل تم مع مسؤولين من السودان والصومال ومنطقة أرض الصومال الانفصالية بشأن المقترح، وكشفت الوكالة أن مسؤولين سودانيين قالوا إنهم رفضوا المقترح الأميركي، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال إنهم ليسوا على علم بأي اتصالات في هذا الصدد. ويذكر أن إقليم أرض الصومال يقع في الطرف الشمالي الغربي من الصومال، ولا يتمتع باعتراف رسمي منذ إعلانه الانفصال عن الصومال عام 1991، وترفض الحكومة الصومالية الاعتراف بالإقليم دولة مستقلة وتعده جزءا لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصومال، وتعتبر أي صفقة أو تعامل مباشر معه اعتداء على سيادة البلاد ووحدتها.